أستاذ في جامعة جورجتاون قطر يسلط الضوء على ماضي الحرب الأفغانية المتواصلة وحاضرها ومستقبلها
ألقى الدكتور أناتول ليفين، الأستاذ في جامعة جورجتاون قطر، محاضرة بعنوان “أفغانستان: حرب بلا نهاية؟”. وتحدث الدكتور ليفين عن تجربته عندما كان صحفياً مدمجاً ضمن جماعات المجاهدين عقب انسحاب القوات السوفييتية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي وعن خبرته كباحث في أفغانستان منذ الإطاحة بحركة طالبان. وقام الدكتور ليفين بتسليط الضوء على التحديات الحالية وخيارات السياسة الخارجية الأمريكية.
وبدأ الدكتور ليفين محاضرته بشرح مستقبل أفغانستان وأن نظام الحكم الأفغاني الحالي المفرق سياسياً والمعتمد على الدعم الأمريكي، إضافة إلى حركة طالبان، لن يتمكنا من استعادة السيطرة على كامل البلاد مجدداً على الإطلاق. وقال ليفين في هذا الصدد: “ليس من الممكن حالياً أن تتمكن قوات النظام الأفغاني من إعادة السيطرة على مناطق جنوب شرق البلاد بدون التعاون وإقامة السلام مع حركة طالبان. وبدورها تدرك حركة طالبان بأنها لن تستطيع استرجاع سيطرتها الكاملة على البلاد كما كان الحال في العام 2001”. ووصف الدكتور ليفين هذا الجمود بأنه قد يؤدي إلى سلام نتيجة إرهاق كلا الطرفين، خاصة وأن أياً منهما غير قادر على الفوز المطلق وليس مهتماً بتفتيت البلاد.
وعقب إجراء مقارنات بين أثر انسحاب القوات السوفييتية في العام 1989 وانسحاب معظم القوات الأمريكية حالياً بعد التعهد المبدئي الخطير للرئيس الأمريكي باراك أوباما بإنهاء التدخل الأمريكي مع نهاية فترة حكمه، أشار الدكتور ليفين إلى أن السيناريو المستقبلي الأكثر احتمالاً هو “حدوث حرب طويلة بين الأطراف التي تدعمها طالبان المسيطرة على بعض المناطق في البلاد، والأطراف المدعومة من الولايات المتحدة ولاعبين إقليميين آخرين مثل الهند وروسيا والذين يحافظون على أجزاء أخرى من البلاد بفضل هذا الدعم”. وتوقع ليفين بأن هذا السيناريو سيستمر حتى “ينتهي الدعم الأمريكي والغربي ويبدأ تفكك البلاد”.
وأشار الدكتور ليفين إلى أن السبب الرئيسي في عدم تمكن الولايات المتحدة من الانسحاب بشكل كامل من أفغانستان بالرغم من تعهد الرئيس أوباما بذلك، يتمثل في اعتماد أفغانستان الكلي على المعونات الخارجية. وقال ليفين معلقاً: “لا يزال عامل وحيد هو الباقي منذ انسحاب القوات السوفييتية في العام 1989، وهو أن أفغانستان أصبحت اليوم معتمدة على المعونات والدعم الخارجي أكثر من أي وقت مضى في التاريخ، إذ تعتمد 90% من ميزانية الدولة على المعونات الخارجية، وتحصل الدولة على 100% من الخدمات الأمنية من الولايات المتحدة. ويبقى الأمل بأن تتمكن أفغانستان في مرحلة مستقبلية من تطوير مصادرها الخاصة، لكن هذا الأمر لم يبدأ بعد”. وتترافق خطورة التخلص من هذا الدعم الخارجي والتسبب في انهيار الدولة مع انهيار العراق وسوريا وصعود تنظيم داعش.
يذكر أن محاضرة الدكتور ليفين تأتي في إطار سلسلة المحاضرات والحوارات الشهرية التي يستضيفها مركز الدراسات الإقليمية والدولية في جامعة جورجتاون قطر. وتعد سلسلة المحاضرات جزءاً من الفعاليات العامة المتاحة لأفراد المجتمع القطري ويحضرها عادة طلبة الجامعة وأساتذتها وموظفوها بالإضافة إلى ممثلين عن الهيئات الحكومية والسلك الدبلوماسي.
وتعليقاً على المحاضرة، قال الدكتور مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الإقليمية والدولية: “إن السفر المتواصل للدكتور ليفين في المنطقة وعلاقاته وتفاعله مع أبرز اللاعبين في المشهد الأفغاني المعقد سياسياً وعسكرياً واجتماعياً، أتاح للحضور فرصة التعرف على أفكار نيّرة تتجاوز الكتب والحقل الأكاديمي. ولهذا تعتبر سلسلة المحاضرات العامة فرصة ممتازة لأعضاء المجتمع المحلي القطري”.
يشار إلى أن الدكتور أناتول ليفين أستاذ في جامعة جورجتاون قطر وعمل سابقاً كصحفي بريطاني في جنوب آسيا والاتحاد السوفييتي السابق في الفترة بين 1986 و1998. وهو أيضاً أستاذ زائر في قسم دراسات الحرب في كينجز كوليدج لندن، وكبير الزملاء في مؤسسة أمريكا الجديدة(New America Foundation) في العاصمة الأمريكية واشنطن. وكان آخر كتاب صدر له في العام 2011 بعنوان “باكستان: دولة مستعصية”.