جامعة جورجتاون تشارك في أبحاث حول الأخلاقيات الحيوية في الإسلام
حوار مع فريدا ويبي وزوريه فروزان
تمكنت مكتبة بحوث الأخلاقيات الحيوية وجامعة جورجتاون – كلية الشؤون الدولية في قطر من الحصول على منحة مالية لثلاث سنوات من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، وذلك للعمل على تطوير مصدر معلومات عالمي حول الأخلاقيات الطبية والعلمية في الإسلام: Islamic Medical and Scientific Ethics. . وقد أجرى مؤخرًا المكتب الإعلامي بجامعة جورجتاون قطر حوارًا مع كلاً من فريدا ويبي، مدير المكتبة بجامعة جورجتاون قطر، وباحث رئيسي مشارك، وزوريه فروزان، أمين مكتبة ومُفهرِس، كي يناقشوا حيثيات هذا المشروع، وأوجه مساهمته في قضايا الأخلاقيات الحيوية الإسلامية.
● ما المقصود بمفهوم الأخلاقيات الحيوية؟
فريدا فيبي: ترتبط الأخلاقيات الحيوية ارتباطًا وثيقًا بالأخلاقيات الطبية والعلمية، فهو موضوع شيق وهام للغاية، لا سيما لأنه متعدد الجوانب والاختصاصات. فدائماً ما نواجه أسئلة وقضايا أخلاقية في كل المحاولات الطبية والعلمية الحديثة، فنجد الآن أن أبحاث الخلايا الجذعية هو الموضوع الدسم في الأخلاقيان الحيوية.
● وماذا عن مفهوم الأخلاقيات الحيوية الإسلامية؟
زوريه فروزان: يشير هذا المفهوم خاصة إلى الأخلاقيات والمعايير الطبية والعلمية التي يتبناها العديد من الدول الإسلامية. فقد سبق الإسلام ظهور الطب الحديث، لهذا لا نجد فيه ذكر صريح ومباشر لبعض القضايا المعاصرة مثل الاستنساخ، ونقل الأعضاء، والإخصاب الأنبوبي. ومن هذا المنطلق يبحث منهج الأخلاقيات الحيوية في الإسلام في هذه الموضوعات، ساعيًا نحو إيجاد مرجع أو مرشد ينبع من الأحكام والمبادئ الإسلامية. بيد أنه لم يصل كل الباحثين إلى نتائج متشابهة، فهناك ثمة اختلافات بين آراء الشيعة والسنة في قضية الإجهاض على سبيل المثال، فضلاً عن وجود مدارس فكرية مختلفة في الإسلام، لكلٍ منها آرائه وأحكامه الخاصة.
● ليس بالضرورة أن يربط الناس مصطلح الأخلاقيات الحيوية بالمكتبات. هل يمكنك توضيح المزيد عن مدى مساهمتك في هذا المجال؟
فريدا: يكمن السبب وراء مشروع بحث متخصص لجمع عمل أدبي مع موضوعات الأخلاقيات الحيوية في تشعب الموضوعات التي يتم التطرق إليها. فإذا قمت بالبحث عن كتب في الشريعة الإسلامية مثلاً، ستجد أنها مصنفة وموجودة إلى حد كبير في مكان واحد مخصص لها في المكتبة، لكن عندما يتعلق الأمر بالأخلاقيات الحيوية، ستجد كتبًا شتى في أماكن مختلفة: كتاب في القسم الطبي، كتاب آخر في القسم الاجتماعي، وغير أيضاً في قسم اللاهوت. ربما كذلك تجد كتابًا في أي مكان آخر يحتوي على فصل كامل للأخلاقيات الحيوية. ولهذا فإنه يُعد موضوع متعدد الأركان، ومن الضرورة أن يُجمع كله في مصدر واحد، من خلال فهرسة المواد في الكتب أو المقالات في المجلات العلمية المتخصصة في قضايا الأخلاقيات الحيوية.
● كيف جاءت مشاركة جامعة جورجتاون قطر في هذا المشروع؟
فريدا: يقع معهد كندي للأخلاقيات في جامعة جورجتاون، وتعتبر مكتبة بحوث الأخلاقيات الحيوية لديهم أول مكتبة من نوعها تتخصص في دراسة الأخلاقيات الحيوية، كما توجد المجموعة المكتبية الخاصة بالأخلاقيات الحيوية على قاعدة البيانات بمكتبة جامعة جورجتاون. تشمل تلك المجموعة مواد باللغة الإنجليزية، وكذلك كان هناك بعض المراجع عن الأخلاقيات الحيوية في الإسلام باللغة الإنجليزية قبل بدئنا في المشروع، إلا أنهم اهتموا اهتمامًا كبيرًا بإثراء هذه المجموعة بمواد وكتب باللغتين العربية والفارسية. ومن هنا كان بحثهم عن شريك يساعدهم في إتمام هذه المهمة، فكانت مكتبتنا في جورجتاون قطر هي الخيار الأمثل لهم.
● كيف تقوم بعملية إيجاد المواد المطلوبة وجمعها؟
زوريه: بالنسبة لي، فإنني أتولى مهمة البحث في قواعد البيانات الأخرى، والاتصال بالجامعات والأشخاص المتخصصين في هذا المجال، وكذلك إيجاد المواد والمقالات المناسبة. ثم أبدأ مرحلة الفهرسة، وإرسالها لرئيس المُفهرِسين بمقاطعة كولومبيا بواشنطن، وتلك المواد أيضاً تكون محملة على قاعدة البيانات لدينا.
● فلتخبرني إذاً عن الأماكن التي وجدت فيها مواد عن الأخلاقيات الحيوية في الإسلام؟
زوريه: قد حصلنا على تلك المواد من ثلاث دول: إيران والكويت ومصر، كما استلمنا عدد من الفتاوى من المملكة العربية السعودية.
● بالتأكيد واجهت بعض التحديات والصعوبات أثناء تلك المهمة، أطلعني على بعض التفاصيل!
فريدا: هناك العديد من المؤلفات العلمية حول الأخلاقيات في الإسلام، وتضييق دائرة البحث حول مؤلفات الأخلاقيات الحيوية هو تحدٍ كبير في حد ذاته، إلا أنه يمكنني القول أن التحدي الأكبر كمُنَ في نظام قاعدة البيانات الحالية، حيث لم يكن بمقدوره أن يسع النصوص العربية والفارسية. وهذا قادنا بالفعل نحو التفكير في أنظمة قواعد بيانات أخرى، تمكننا من الدخول على المواد المفهرسة باللغتين العربية والفارسية، واللغة الإنجليزية أيضاً.
● كيف كانت ردود الأفعال على هذا المشروع بالمنطقة؟
زوريه: حضرنا أنا والسيد دوريس جولدستين، الباحث الرئيسي ومدير مكتبة بحوث الأخلاقيات الحيوية، مؤتمرًا علميًا في تركيا، حيث قمنا بمناقشة مشروعنا هذا، وكانت ردود الفعل إيجابية للغاية. وبعد بدئنا في جمع هذه المواد، حصلنا على الكثير من المعلومات، التي فاقت توقعاتنا، عن هذا الموضوع. فقد قمنا بمقابلة العديد من الباحثين والعلماء، الذين أبدوا سعادتهم بما نقوم به. أتذكر عندما هاتفت أحد الأطباء بإيران خلال الأيام الماضية، وما أن ذكرت اسمي له، حتى أبدى عن سعادة غامرة، وقال أنه يعرف مشروعنا جيدًا، ويود المشاركة معنا. وفي هذا السياق أذكر أن إيران أنشأت مؤخرًا قاعدتين متميزتين للبيانات، تحتوي على المقالات المنشورة في المجلة العلمية للدولة، تقع قاعدة البيانات الأولي مركز بحوث الأخلاقيات الطبية وتاريخ الطب بجامعة طهران للعلوم الطبية، والثانية هي إيران ميدكس “Iran Medex”. وكانوا ذو كرم كبير حينما سمحوا لنا باستخدام قاعدة البيانات مجاناً.
● من هم المستفيدون من قاعدة البيانات هذه؟
فريدا: تخدم هذه القاعدة المنطقة والعالم كله، فهي ملحق وقاعدة بيانات عالمية، متاحة لكل الأشخاص. كما أننا نخطط، بجانب قاعدة البيانات الاصطلاحية تلك، لإنشاء مجموعة مواد ملموسة (ورقية)، والتي سيتم وضعها بالمكتبة المركزية بالمدينة التعليمية. وتبقى أهم انجازات هذا المشروع في تحويل بعض المواد التي لم يكن يُسمح بالدخول إليها من قبل، بسبب اختلاف اللغة أو المنطقة الجغرافية، إلى مواد متاحة للجميع.
● ما هو مدى تأثير هذا المشروع على دولة قطر؟
فريدا: يتزايد الاهتمام بموضوع الأخلاقيات الحيوية في الإسلام يومًا بعد يوم في جميع أنحاء العالم. وفي إطار خطة قطر لتكون مركزًا عالميًا للبحوث، قامت مؤسسة قطر بتمويل هذا المشروع تمويلًا مثاليًا، كمشروع في برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي التابع لها. وعليه فإنه من الطبيعي أن يكون لديهم قاعدة بيانات خاصة بالأخلاقيات الحيوية، ولا سيما الأخلاقيات الحيوية الإسلامية. وسيبدو جليًا أن عملية البحث في المناطق كلها سيعتمد على توافر تلك المواد البحثية والعلمية، خاصة مع تطوير هذه المجموعات والبيانات. كما أنني أفكر على المدى البعيد، حيث أنني أرى أن المكتبة المركزية وما ستقوم به من دور في دعم البحوث سيكون لها تأثيرات كبيرة.
● كيف أثر التعاون المشترك بين الحرم الجامعي الرئيسي لجامعة جورجتاون وفرع الجامعة هنا في قطر في إثراء جوهر المشروع؟
فريدا: لقد كان تعاونًا متميزًا حقاً، فقبل البدء في المشروع لم نكن على دراية كاملة بالمجهود الكبير الذي يبذله معهد كيندي للأخلاقيات في هذا المجال. إلا أن فريق العمل بمقاطعة كولومبيا قد أمدنا بالدهم اللازم والإرشادات الضرورية التي مكنتنا للوصول لما نحن عليه الآن. وبما أننا متواجدون في المنطقة، كان بمقدورنا، كمركز للبحوث، أن نوسع دائرة البحث لديهم. وكما ذكرنا أنفاً، أننا قمنا باتصالات واسعة في المنطقة، أدرك من خلالها الكثير من الأشخاص والجهات طبيعة المهمة التي نقوم بها، ومن هنا بدأوا إرسال كم من المعلومات التي قد يكون من الصعوبة الحصول عليها من مقاطعة كولومبيا بواشنطن. فضلاً عن إتقان فريق العمل لدينا في قطر للغتين العربية والفارسية، مما جعل من عملية جمع المواد أمرًا سهلاً.
● كيف يساعد هذا المشروع في تحقيق رسالة جامعة جورجتاون؟
فريدا: تهتم جامعة جورجتاون اهتمامًا بالغًا بتحقيق الحوار بين الأديان، والتفاهم بينهم. ولا شك أن جامعة جورجتاون تبذل قصارى جهدها في هذا الشأن، لإثراء لغة الحوار والتفاهم بين المسلمين والمسيحيين، وأعتقد أن هذا المشروع قد أدلى بدلوّه ببراعة في إثراء هذه المهمة.