خريج جامعة جورجتاون يصبح مصدر إلهام للجيل القادم من القادة في أرض الصومال
نظرا لدورها الحرج في تحديد مستقبل الطالب، تكتسب اختبارات القبول في الجامعة أهمية كبيرة وتعد واحدة من أكثر العقبات حساسية وإثارة للتوتر خلال رحلة السعي لتلقي تعليم عالي. فعلى سبيل المثال يُنصح الطلاب المقبلون على أخذ اختبار الالتحاق بالجامعات في الولايات المتحدة SAT، وهو الاختبار الذي تعتمد عليه الكليات والجامعات الأمريكية لاتخاذ قرارات القبول، يُنصح الطلاب بالحصول على قدر كاف من النوم، وتناول وجبة إفطار صحية، والحضور في الموعد المحدد.
عادة، لا يضطر الطلاب إلى قطع مسافة 500 كيلومتر عابرين الحدود الدولية للوصول إلى أقرب مركز اختبار. ولكن هذا كان ما اضطر أن يفعله نجيب عبد الحميد أحمد من جمهورية أرض الصومال، مسافرا بالطريق البري إلى أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، ليخضع لاختبار SAT حتى يتمكن من التقدم إلى جامعة جورجتاون في قطر. لكن نجيب أحمد لا يمثل النموذج المعتاد للطالب.
قبل تخرجه من جامعة جورجتاون في قطر، كان نجيب طالبًا في أول دفعة تخرجت من مدرسة أباارسو الثانوية للعلوم والتكنولوجيا في جمهورية أرض الصومال، وهي مدرسة داخلية فريدة في نوعها على النمط الأمريكي للصفوف الدراسية من السابع إلى الثاني عشر، تم تأسيسها وتمويلها بشكل شخصي من قبل المستثمر الأمريكي المليونير جوناثان ستار في عام 2008.
غالبا ما توصف جمهورية أرض الصومال بأنها واحة فقيرة، ولكنها مستقرة نسبياً في منطقة مفعمة بالاضطرابات، هي دولة غير معترف بها انفصلت عن الصومال قبل 25 عاماً. كانت مهمة “ستار” التأسيسية كما يقول هي “بناء مدرسة تحويلية في مكان يعتبره العالم بلدا لا أمل فيه”، ثم إرسال أفضل وأذكى الخريجين منها إلى الكليات والجامعات في جميع أنحاء العالم. ولكي تنجح خطته التنموية الطموحة، سيكون عليهم عندئذ أن يجلبوا مهاراتهم المكتسبة حديثا والشهادات والقدرات القيمة التي لديهم إلى أرض الصومال ليصبحوا أطباء ومحامين ومعلمين، وقادة المستقبل الذين تحتاجهم تلك الجمهورية المتعثرة، ولكن لم يكن هناك أدنى ضمان بأن مقامرته تلك ستحقق أدنى نجاح.
يقول نجيب في حديث معه عبر الهاتف من آبارسو، حيث يعمل الآن عميدًا لمدرسة البنين، وضمن هيئة تدريس اللغة الإنجليزية، والتاريخ، والدراسات الاجتماعية: “من أكبر التحديات التي تواجه الطلاب في أرض الصومال فكرة العودة إلى بلدهم إذا أتيحت لهم الفرصة للعمل والعيش في الخارج، فالعودة هي تضحية لا يرغب الكثيرون بتقديمها، ولأنني كنت ضمن المجموعة الأولى من الطلاب الخريجين، كان نجاحي في الخارج حاسماً بنفس قدر عودتي إلى أرض الصومال. إذا لم أعد، فإن أكثر من مائة من أفضل العقول الواعدة في أرض الصومال لن يفكروا في العودة عقب التخرج. لقد أقنعني الأستاذ “جو” بأن قرار العودة للوطن كان هو القرار الصحيح “.
الأستاذ “جو” هذا هو “جوزيف هيرنانديز”، مدير قسم القبول في جامعة جورجتاون في قطر، وعن هذا الموقف يقول: “عندما ذكر نجيب أنه أُتيحت له الفرصة للإسهام في إدارة مدرسته السابقة، شجعته على اقتناصها”. ويتذكر الأستاذ جو أنه أعجب بمقدم طلب الالتحاق الهادئ القادم من هذه المدرسة المبتكرة في أرض الصومال عندما قابله لأول ويقول: “عندما نجد طالبًا حقق أداءً جيدًا في المدرسة الثانوية متغلبا على الصعاب لتحقيق ذلك، فإنه يحظى باهتمامنا”. واعترافًا بإمكانياته وقدراته الواعدة، عمل هيرنانديز على تأمين المعونة المالية التي سهلت تسجيل نجيب وجعلت التحاقه بالدراسة أمرا ممكنا.
عن مغامراته للالتحاق بجامعة جورجتاون في قطر يقول نجيب: “كنت في السابعة عشرة من عمري عندما أتيت إلى الدوحة. لقد وقع اختياري على جورجتاون لأني بحثت كثيرا وأدركت أنها من جامعات القمة المرموقة، لكنني لم أتمكن من تحديد ما أردت أن احترافه كمهنة في المستقبل. كنت أدرك فقط أنني أحب العلوم السياسية، والكتابة وقراءة الكتب “. لكن انتقاله إلى الدوحة لم يكن سهلاً، فقد كانت حرارة الصيف غير متوقعة، وفُقدت حقائبه، وخلال رحلته الأولى، قام مسؤولون من جيبوتي بترحيله إلى هرجيسا عاصمة أرض الصومال لأنه لم يتم الاعتراف بجواز سفره الصومالي غير الرسمي. ولكن مع دعم إدارة الجامعة له، تغلب على الحنين إلى الوطن والصدمة الثقافية وأقبل على الحياة الطلابية. كان طالبًا مثاليا حصل على مراتب شرفً، كما كان عضوًا في فريق المناظرات والنادي العلمي، وانضم لفريق كرة السلة للبنين، وأخيرا حصل على شهادة البكالوريوس في السياسة الدولية في عام 2017.
كان ما حصل عليه من تعليم مفيدا للغاية له كمدرس مرة أخرى في مدرسة أباارسو. والأهم من ذلك، أنه يساعد حاليًا في تصميم أجزاء من المنهج الدراسي – وهو شرط لاستمرار الحصول على اعتماد جمعية نيو إنغلاند للمدارس والكليات (NEASC)، وهي المؤسسة نفسها التي تعتمد أفضل المدارس والجامعات في الولايات المتحدة وحول العالم.
ويتحدث نجيب بتواضع عن إنجازاته، ولكن هناك قدر من الفخر الواضح عندما يشارك في وضع خطط للمستقبل – لزيادة في نسبة المدرسين والموظفين الإداريين الصوماليين، وإنشاء كلية لتدريب وتأهيل المعلمين من خريجي أباارسو لدعم نظام التعليم المتعثر في هرجيسا، وتعزيز حملات التوظيف في المناطق النائية والبلدان المجاورة، وخطط بعيدة المدى لإنشاء مدرسة ابتدائية في يوم ما.
وقد قبلت جامعة جورجتاون في قطر ثلاثة طلاب آخرين من خريجي آباارسو. ويدرك السيد “ستار”، الذي يترك الإدارة اليومية للمدرسة إلى مدير مدرسة جديد ويعمل الآن في نيويورك لزيادة موارد التمويل المدرسي، أن قصة طلابه تعتبر مهمة للكثيرين من الناس. ويقول: “منذ أن كان نجيب تلميذا من صفنا الأول، كان رائدا في تحديه بلدًا جديدًا ودخوله جامعة تتسم بالجدية دون أي مؤشرات تطمئن على أن طالبًا من أباارسو يمكنه أن ينجح في مثل هذا المكان، ولهذا أنا فخور جدا بنجيب. يمكن أن يرى خريجونا أنه عاد إلى أرض الصومال حتى بعد تخرجه من إحدى أفضل الجامعات في العالم. يمكنهم رؤيته مزدهرًا ومتفوقا، وهذا في حد ذاته مصدر إلهام قوي “.