طالب بجامعة جورجتاون يستكشف مجتمع كريستيانيا البديل للمجتمع التقليدي
هل نحن أحرار حقاً أم أننا نتبع المسار الذي يحدده لنا المجتمع؟ هل نحن جزء من المجتمع أم أن المجتمع هو جزء منا؟ هذه بعض الأسئلة التي دفعت الطالب عبد الرحمن كامل (كلية الشؤون الدولية 2017) الذي يوشك على التخرج قريباً، للبحث في هذه القضايا وجعلها مشروع بحثه الخاص، والسفر إلى الدانمارك ليشارك في برنامج بحثي دولي.
أصبح عبد الرحمن كامل، الذي يتخصص في الثقافة والسياسة، أول طالب بجامعة جورجتاون في قطر يشارك في برنامج “كريستيانيا للباحثين المقيمين” الذي منحه فرصة للدخول إلى المجتمع البديل، شبه المستقل، الذي يعرف باسم “كريستيانيا” في ضواحي العاصمة الدانماركية كوبنهاغن. يهدف البرنامج إلى إشراك الفنانين والباحثين والأكاديميين في حوار مفتوح ذي طبيعة نقدية وتأملية حول المدينة الحرة من خلال استضافتهم في كريستيانيا لمدة تصل إلى شهر.
وقد شكلت الدراسة التي قام بها عبد الرحمن كامل خلال إقامته هناك أساسا لحصوله على مرتبة الشرف في أطروحته المقدمة في مجال تخصصه والتي تحمل عنوان “مبادئ التمرد، الاستقلالية والإصلاح في المجتمع الجماعي: رحلة استكشافية لبلدة كريسيانيا الحرة في كوبنهاغن”. يستكشف البرنامج المعايير المختلفة المستخدمة للحفاظ على السيطرة السياسية والاجتماعية، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، في بلدة كريستيانيا.
على الرغم من الموقع الفريد الذي تتمتع به كريتيانيا كبلدة حرة واسعة نسبيا، ومعروفة دوليا، فإن بقاءها لفترة طويلة وتفاعلها مع المجتمع الدانماركي الأوسع لم يتم استكشافها على نحو عميق من الناحية الأكاديمية. وهذا ما يؤكده البروفيسور إدوارد كولا الأستاذ بجامعة جورجتاون في قطر، الذي تولى الإشراف على الطالب عبد الرحمن كامل في مشروعة البحثي: “إنه موضوع لم يستحوذ على اهتمام يذكر من زاوية العمل الأكاديمي باللغة الإنجليزية، والموضوع جديد ومن حيث تناوله كقضية للبحث على أي مستوى علمي، سواء كان جامعياً أو للدراسات العليا”.
ازداد اهتمام الطالب عبد الرحمن كامل بمفهوم “البلدة الحرة” بعد زيارة قصيرة خلال فصله الدراسي خارج البلاد في بلدة “فيلا لو بلاز” في فلورنسا. وكانت تجربته تلك فاتحة الطريق أمامه للنظر في قضايا السياسيات البديلة، والمفاهيم المحيطة بالملكية المشتركة، والحركات المتعددة التي تحتل المباني الخالية في أوروبا.
عن هذا يقول عبد الرحمن واصفاً زيارته الأولى للبلدة الحرة: “بدأت في ملاحظة أن معظم الناس الذين التقيت بهم في كريسيانيا كانوا متدينين ينتمون لجماعات من الأقليات العرقية وكانوا يتمتعون بإحساس قوي بالانتماء إلى هذا التجمع، وعندما أوشكت على مغادرة كريستيانيا لاحظت لافتة تقول “أنت الآن تدخل الاتحاد الأوروبي”، وقد جعلتني هذه اللافتة أتساءل بشك عن المبادئ و القيم التي كنت أعتقد أنني أعرف الكثير عنها كالمجتمعات المدنية والرأسمالية والهياكل الراسخة لتسلسل السلطات.”
بالنسبة للطالب عبد الرحمن كامل، فإن هذه التجمعات شبه المستقلة المتواجدة ضمن ضواحي مدينة كوبنهاغن قدمت تجربة مثيرة لصيغة بديلة للمجتمع المدني. وهو يقول : “أعتقد أن الثقافة الجماعية لبلدة كريستيانيا التي تتبنى مفاهيم الحب والتعاطف هي بالتحديد ما نحتاج اليه في خطابنا السياسي الحديث”.