طلاب جورجتاون يستعدون للتخرج ورسم المشهد المستقبلي للعالم

Hessa Al Noaimi

لقد حان موعد التخرج؛ تلك المناسبة الأروع والأهم في حياة كل إنسان حيث يتم تكريم جهوده وإنجازاته في أجواء يملؤها الحماس والفرح والأمل بمستقبل زاهر. وإذ تستمر جهود البناء لوضع اللمسات النهائية على المدينة التعليمية، تستعد دفعة جديدة من الشباب والشابات لارتداء ذلك الثوب التقليدي احتفاءً بهذا الانتقال المنتظر من طلاب إلى خريجين.

حصة النعيمي، دينا نيواز، وثانوس سارديليس، هم ثلاثة من ٦٨ طالباً سيلتحقون قريباً بـ ٣٤٠ خريجاً لبسوا ثوب التخرج منذ أن فتحت الجامعة أبوابها في قطر في ٢۰۰٥. إنهم يمثلون المستقبل الواعد للآداب والدراسات الإنسانية، التي تحظى باهتمام متزايد في منطقة تسعى لتنويع مواردها الاقتصادية والبشرية كخطوة أساسية لبناء مستقبل مشرق. وقد بدأ هذا التعليم يعطي ثماره بالفعل على هذا الصعيد.

الطالبة القطرية حصة النعيمي، التي سارت على خطى شقيقتها ودرست كذلك في جامعة جورجتاون في قطر، تتحدث بحماس وشغف عن تحصيلها الجامعي، إذ تشعر حصة بأن التركيز على اللغة الإنجليزية كمطلب أساسي للتحصيل العلمي في عالم تسوده العولمة، قد جعل الطلاب العرب يكافحون لتحقيق النجاح في اللغتين معاً. وتقول حصة: “علينا أن نغير ذلك الإنطباع الخاطئ الذي يوحي بأن جميع القطريين لهم نفس الخلفية ونفس الفرص، وبالتالي ليس لديهم حافز للعمل أكثر أو النجاح في التعليم، نظرا للامتيازات التي يتمتعون بها جميعاً. في الحقيقة، إن قلة الحوافز ليست المشكلة الوحيدة، وإنما أيضاً إتقان اللغتين العربية والإنجليزية. فعدم القدرة على التعبير بثقة باستعمال لغة معينة سيكون له أثر سلبي على أي شخص”.

وتعزو حصة الفضل إلى برنامج اللغة العربية التي اتبعته ضمن برنامج متعلمي التراث في الجامعة. فقد غير هذا البرنامج الطريقة التي كانت تنظر بها إلى التحديات التي يواجهها جيلها والحلول اللازمة لهذه التحديات، وتضيف في هذا الشأن: “أنا قطرية وتعلمت في مدارس إنجليزية طوال حياتي، لكنني أتقنت اللغة العربية الفصحى هنا في جامعة جورجتاون في قطر، وقد كان هذا رائعاً وصادماً في نفس الوقت. حيث أدركت أنني فقدت شيئاً مهماً بسبب عدم تعرفي على التاريخ والثقافة والفنون العربية من قبل. والغريب في الأمر أن جامعة أمريكية هي التي أتاحت لي الفرصة لتعلم كل ذلك”.

وقد قدمت حصة أطروحة مرتبة الشرف في تخصص عنوانه “الاعتراف بجيل ضائع: دراسة الانجليزية ضمن النظام التعليمي في قطر”. وتأمل بعد التخرج أن تعمل في منظمة “علّم لأجل قطر”، كما تخطط للحصول على شهادة جامعية في التعليم.

إن تجربة تعليم الشؤون الدولية التي تقدمها جامعة جورجتاون في قطر تضيف الكثير من خلال التنوع المتميز الذي يمتاز به حرم الجامعة في الدوحة. فهذا ثانوس، الطالب القادم من اليونان، الذي بمجرد أن استقر، إلا وانضم إلى فريقي كرة القدم وكرة السلة وشارك في مؤتمر نموذج الأمم المتحدة.

يقول ثانوس: “سافرت أيضاً إلى إيرلندا مع برنامج مناطق النزاع مناطق السلام الذي يأخذ الطلاب إلى مناطق الصراعات العرقية والسياسية والدينية والاجتماعية، وذلك من أجل تكوين فهم أفضل لأسباب النزاع وعمليات المصالحة. في جامعة جورجتاون هناك تركيز كبير على التعلم خارج الفصول الدراسية، وهذه المرة الأولى التي أشهد فيها هذه التجربة”.

لكن أكثر ما أثر في ثانوس، هو مشاركته في برنامج التمكين والتعليم الذي يشجع الطلاب على التطوع بوقتهم لتدريس اللغة الإنجليزية وغيرها من المهارات للعمال. ويقول في هذا الصدد: “التحقت ببرنامج التمكين والتعليم رغبةً برد الجميل للمجتمع من حولي، لكن مع مرور الوقت، غيرتني هذه التجربة من الداخل بنفس القدر الذي غيرتني تجربتي في الحرم الجامعي”. ويتطلع ثانوس دائماً إلى استكشاف فرص التعليم في أمريكا اللاتينية بعد التخرج.

وتقول دينا نيواز، التي تختص أيضاً في الثقافة والسياسة، ” في جامعة جورجتاون في قطر، إنك تواجه باستمرار أحداثاً عالمية، وأنا متحمسة للتخرج”. وتبدو دينا دائماً متحمسة أمام كثافة عناوين الأخبار السلبية من مختلف أنحاء العالم. لقد اختارت دينا، التي ولدت ونشأت في الدوحة، تخصصاً من شأنه أن يساعدها على تسليط الضوء على بعض من القضايا الأكثر أهمية بالنسبة لها.

“في البداية، اخترت برنامج الثقافة والسياسة لأنني أرغب في دراسة النوع الاجتماعي والعنف في بلدان الجنوب، وهذا كان التخصص الوحيد الذي يتضمن العمل على دراسات ثانوية والذي يركز على المجموعات التي تفتقر إلى الحراك الاجتماعي”.

أنهت دينا مؤخراً أطروحة مرتبة الشرف حول أخلاقيات إيصال صوت ضحايا الاعتداءات في حرب ۱٩٧۱ في بنغلاديش. “لقد ناقشت مسألة أن الروايات الأكاديمية والحكومية مرتبطة بالعديد من أصحاب المصالح. فمن المهم أن نفهم قصص هؤلاء النساء دون تذكيرهم بتلك المآسي مرة أخرى، ودون أن نبخس من قيمة الحقيقة”.

سوف تتخرج دينا أيضاً بشهادة في الدراسات الأمريكية. وقد درست في أطروحتها “التقاط حركة فيرجسون في ۱٤٠ حرفاً أو أقل” وهي دراسة معمقة حول دور تويتر في حركات المطالبة الاجتماعية.

“في المدرسة الثانوية، ركزت على الرياضيات والعلوم، وتخصصت في علم الأحياء. وقد كنت على استعداد للالتحاق بكلية الطب. لقد رغبت في تغيير العالم”، وتوضح أن دعم والديها لها في رغبتها بتغيير منحى دراستها كان له دور أساسي.

“عندما تأتي إلى جورجتاون، تتغير نظرتك للأشياء التي عرفتها سابقاً، وتكتسب تجارب ومهارات مهمة تساعدك على تطوير قدراتك الفكرية، فتميل إلى التفاعل مع كل ما يجري وتحليله، وهنا تحديداً تدرك حقيقة أنه على الرغم من أنك جئت إلى الكلية لتغيير العالم، فإنك قد تغيرت أنت شخصياً”.