عضو بالبرلمان اللبناني يتحدث عن الديمقراطية

Nabih Berri

استضاف مركز الدراسات الدولية والإقليمية بكلية الشؤون الدولية التابعة لجامعة جورجتاون في قطر اجتماعًا على الغذاء احتفالًا بالمتحدث عن البرلمان اللبناني، نبيه بيري، وذلك في 19 نوفمبر 2008.

تولى بيري منصب المتحدث باسم البرلمان اللبناني منذ 1992. ويعد من أكبر ثلاثة رؤوس في الدولة مع رئيس الوزراء والرئيس. كما يترأس بيري، داعم تحالف 8 مارس في لبنان، حركة الأمل للمسلمين الشيعة.

بدأ بيري بالثناء على صاحب السمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني، وصاحب السعادة وزير الخارجية ورئيس الوزراء، الشيخ حمد بن جاسم بن جابور آل ثاني، لدور الوساطة الأساسي الذي لعبته قطر بين الفصائل السياسية المتنافسة في لبنان، وانتهى الأمر بحل النزاع السياسي المعقد في لبنان في وقت مبكر هذا العام من خلال إبرام اتفاقية الدوحة 2008. وأكد بيري على التطبيق الناجح للاتفاق، مشيرًا إلى انتخاب رئيسًا للبلاد، وموافقة كل أعضاء البرلمان على الدستور، وتأسيس حكومة الوحدة الوطنية.

كما أثنى على دولة قطر للمساعدات التي قدمتها من أجل إعادة إعمار لبنان بعد حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، وجهودها في قطاعات متنوعة ما بين “الرعاية الصحية، والمنازل، ودور العبادة.” ووجه بيري الدعوة لمزيد من العون من أجل إزالة 2.4 مليون قنبلة عنقودية ما زالت منتشرة في جنوب لبنان.

تضمنت كلمة بيري ملخص نظري مختصر عن الأساس والخصائص الرئيسية “للديمقراطية المتطابقة” كنوع مختلف عن الأشكال الأخرى للديمقراطية، بالإضافة إلى جزء عملي على تطبيقها في لبنان.

أوضح أن الديمقراطية المتطابقة تظهر وتتطور في مواقف ضعف الوحدة الوطنية وانقسام طوائف الشعب غير المتجانسة. وقال أن الخاصية الأهم للديمقراطية المتطابقة هي عنصر الحكم من خلال تحالف كبير في شكل حكومة وحدة وطنية.

بالحديث عن التجربة اللبنانية، أكد بيري على تبني الدولة المبكر لنظام الحوكمة هذا منذ 23 مايو 1926، مع تأسيس دستورها الأول. وسلط الضوء على النصوص الدستورية المركزية لمفهوم الديمقراطية المتطابقة، وبشكل أكثر تحديدًا، ضمان التمثيل المتساوِ لكل الطوائف في البرلمان وعلى مستوى وظائف الخدمات العامة، وأن حرية الدين مطلقة (الفقرتان 95 و9 من الدستور اللبناني على التوالي).

 وأكد بيري على حقيقة أن الديمقراطية في لبنان ليست جامدة، حيث استشهد باستقلاله عام 1943، واستضافة التأثيرات المحلية، والإقليمية، والدولية التي أدت إلى التعديلات الدستورية عام 1990.

تم تسليط الضوء على عدد من التغيرات الأساسية في مبدأ الديمقراطية المتطابقة الناشئة في لبنان. تغيرت نسبة المسلمين للمسيحيين في مجلس العموم من 5:6 إلى 6:6، لتتسع للأغلبية المسلمة الآخذة في النمو. كما ناقش الفقرة 69 من الدستور المعدل والتي تقضي بأن الحكومة تعد مستقيلة في حالة انسحاب أكثر من ثلث الأعضاء. وتتضمن النقاط الأخرى التي طرحت للنقاش حق الفيتو الممنوح لمجلس الوزراء لوضع نظام الإجماع لعمليات اتخاذ القرار والمراجعة مع توازن القوى التنفيذية الممنوحة لرئيس الوزراء والرئيس.

وحينما طرح سؤال عما إذا كانت الديمقراطية المتطابقة قد أثبتت نجاحها كنظام سياسي في لبنان أم لا، أكد بيري على النتائج الإيجابية لتطبيقها.

وأضاف: “لبنان بلد يختلف عن غيره من بلدان العالم، من حيث الالتزام لأقصى درجة وعقد اجتماعات حوارية دورية سواء على المستوى المحلي أو الدولي”. وأشار إلى الحوارات التي أقيمت في لوسان، وسانت كلاود، والطائف، والدوحة، على اعتبارها أمثلة أساسية لعمليات تطبيق الديمقراطية المتطابقة.

أوضح بيري أن ثقافة التطابق، والتي تتطور بشكل أفضل لتعكس التغيرات الاجتماعية والسياسية في زمانها: “كانت متأصلة في أذهان اللبنانيين طوال الوقت.” كما أكد على أهمية “الديمقراطية الوطنية النابعة من الداخل والتي لابد أن تكون متسقة مع طبيعة وآمال المواطنين”، بدلًا من المنتج المستورد الذي قد لا يكون ناجحًا بالضرورة.

واختتم بيري كلمته قائلًا أن ثقافة التطابق في بلده، بغض النظر عن النتائج، تمثل “صمام الأمان والسلامة للنظام السياسي اللبناني.” ومن ثم، فالعنصر الذي تفتقر لبنان إليه ليس هو الاعتراف بالديمقراطية المتطابقة في حد ذاتها، ولكن الحاجة إلى مراقبة المبدأ واحترامه.

وأثناء جلسة الأسئلة والإجابات الختامية، تذكر بيري الاستعراض العظيم للوحدة الوطنية أثناء حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، وضرب الأمثلة عن دعم الهجرة الداخلية والمقاومة اللبنانية الموحدة. كما سلط الضوء على الأيديولوجيات الوطنية رافضًا المزاعم التي تدعي بوجود اتجاه سياسي “إيجابي-حيادي” لبناني، ومؤكدًا على الهوية العربية للبنان ومسؤوليته تجاه الأزمة الفلسطينية. وأخيرًا، تفنيدًا لزعم أن اتفاقية الطائف 1989 تأتي موازية للديمقراطية المتطابقة في لبنان، أنهى بيري حديثه ملخصًا تاريخ لبنان منذ أيام فخر الدين، الذي اهتم بالتركيبة السكانية الفريدة من نوعها في لبنان وضرورة أن تسود روح المصالحة والتناغم بين أبناء الشعب اللبناني