كتاب جديد لأستاذة بجورجتاون يقدم رؤية عصرية متقاطعة التخصصات لأفكار أحد كبار الباحثين الإسلاميين الرواد
يحمل كتاب جديد من تأليف الدكتورة سهيرة صّديقي، الأستاذة المشاركة بجامعة جورجتاون، وهي الجامعة الشريكة لمؤسسة قطر الذي يحمل عنوان “القانون والسياسة في عهد العباسيين: صورة فكرية للجويني” (كامبردج 2019)، عرضا للمشروع الفكري لأبي المعالي الجويني وسياقه التاريخي. وهو باحث وعالم إسلامي مرموق من مطلع القرن الحادي عشر اشتهر بكونه مدرسًا للإمام الغزالي، ولكن أعماله لم تحظ بالاهتمام الكافي لدى الدوائر الأكاديمية الغربية. ويسعى هذا الكتاب إلى فهم حياة أحد أشهر المفكرين في العالم الإسلامي من خلال الدراسة المتأنية للعديد من نصوصه باستخدام التحليل عبر عدة تخصصات تتضمن الدراسات الإسلامية والفكر السياسي والقانون.
فيما يتعلق بالأستاذة صّديقي، فقد راودتها فكرة دراسة الجويني نبعا من فضولها حول مكانة الشريعة الإسلامية في ممارسات المسلمين المعاصرة وخيالهم. ومن أهم ما جذبها إلى الجويني بالتحديد هو مؤلفه السياسي “غياث الأمم في التياث الظلم”، الذي تناول فيه كيفية الحفاظ على الإمامة في المجتمع في غياب دور الائمة سواء المدني أو الديني، ضمن عملية إعادة تصور لدور الشريعة في المجتمعات. وعلى أساس حججه، تقدم الدكتورة صديقي إعادة تصور للشريعة، موضحة أن “حديث الجويني حول وفاة الشريعة يتيح لنا الفرصة للتفكير بطريقة جديدة في حياة الشريعة اليوم”.
وفيما يتجاوز التفاصيل الدقيقة لمحتوى الكتاب، تسعى الدكتورة صّديقي إلى المساهمة في مجال الدراسات الإسلامية على نطاق أوسع، مشيرة إلى أنه نظرًا لأن علماء المسلمين الكلاسيكيين كتبوا في العديد من التخصصات، فيجب أيضًا معالجة أعمالهم بطريقة متعددة التخصصات. وحثت العلماء في الدراسات الإسلامية على تجاوز الحدود التقليدية لمعرفة كيف تترابط الأفكار عبر مختلف مجالات الدراسة سواء كانت في الشريعة الإسلامية أو الفكر السياسي الإسلامي أو العقيدة الإسلامية. وأوضحت ذلك قائلة: “أريد أن يبدأ العلماء في التفكير في الترابط والتداخل بين نظرية المعرفة القائمة على سبل الحصول عليها، والقانون والفكر السياسي”، مشيرة إلى أنها تأمل في أن يطبق القراء الدروس المستفادة حول المشروع الفكري للجويني على انضباطهم الخاص، وتضيف قولها: “آمل أن يبدأ العلماء من خلال قراءة هذا الكتاب، في التفكير في الطرق التي يمكنهم من خلالها تجاوز النص والفترة الزمنية التي يعملون فيها للتفكير أفقيًا بعمق في كيفية ظهور هذه القضايا وكيف يتم إنشاؤها”.
وفي مقابلة حديثة مع الاستاذة صّديقي حول الكتاب، متاحة على الإنترنت، وصف شيرعلي تارين، الأستاذ المشارك في الدراسات الدينية بكلية فرانكلين وكلية مارشال، كتاب الاستاذة صديقي بأنه “رائع بالفعل، وأن تحليلها “بارع” و “عميق” و “مذهل بشكل واضح” وهو يوصي به كمادة للتدريس عبر مجموعة من التخصصات. يذكر أن الأستاذة صديقي هي أيضًا مؤلفة كتاب “تحديد الشريعة: السيولة القانونية والتغيير في النظرية والتاريخ والممارسة” (بريل – 2019)، وذلك بالإضافة إلى العديد من المقالات في الدوريات الأكاديمية الرفيعة.