محاضرة عامة في جامعة جورجتاون قطر تسلط الضوء على دور المتاحف الحديثة وأثرها في دول المنطقة
تصدّرت قضية انتقال الاستثمارات في الفنون والمتاحف إلى دول الخليج الغنية بالنفط عناوين الأخبار العالمية مؤخراً، لذا تحدّثت الدكتورة كارين إكسل، كبيرة الزملاء البحثيين في كلية لندن الجامعية في قطر، عن تداعيات هذا التحول وما يعنيه بالنسبة إلى المنطقة، وذلك خلال محاضرة سلسلة الحوارات الشهرية في مركز الدراسات الدولية والإقليمية التابع لجامعة جورجتاون قطر. جاءت المحاضرة بعنوان “المتاحف والحداثة في شبه الجزيرة العربية”، وقامت الدكتورة كارين إكسل، والتي تعمل أيضاً كمستشارة لمتاحف قطر، بتسليط الضوء على بعض أهم النقاط في كتابها المزمع نشره قريباً والذي يناقش الموضوع نفسه.
وخلال محاضرتها في مركز الدراسات الدولية والإقليمية الواقع في حرم جامعة جورجتاون في قطر، أوضحت الدكتورة كارين بأن الدافع الرئيسي لتأليف كتابها تمثل في تغير أفكارها المسبقة أثناء فترة تحضيرها لتأسيس برنامج خاص بممارسات المتاحف في كلية لندن الجامعية في قطر. وقالت الدكتورة كارين في هذا الصدد: “لقد اعتقدنا أن المعارف الخاصة بممارسات المتاحف غير متوفرة هنا، لكننا اكتشفنا بأن ممارسات جمع الأعمال الفنية حاضرة في المنطقة لفترة طويلة. لذلك شرعت بالتركيز على الطريقة التي تتفاعل من خلالها المنطقة مع فكرة الحداثة من خلال ممارسات جمع الأعمال الفنية”.
وقدّمت الدكتورة كارين خلال محاضرتها نظرة نقدية حول المشاريع التراثية ومشاريع المتاحف وكيف يتم تطويرها وإدارتها في منطقة شبه الجزيرة العربية من خلال التباين الكبير بين المتاحف الحديثة المبنية على النمط الغربي والمهرجانات التراثية صغيرة الحجم والتي تحتفي بالمناسبات الثقافية والتاريخية.
وعلّقت حول هذا الأمر قائلة: “إن مشاريع الفنون العالمية تؤكد بشكل مستمر على أن الفن العالمي يمثل جسراً يربط بين الشرق والغرب. لقد زرت فعاليتين ثقافيين في إمارة أبوظبي، إذ قدّمت الفعالية الأولى لمحة أولية عن مستقبل المتاحف التي من المقرر افتتاحها في جزيرة السعديات كجزء من مشروع متحف جوجنهايم أبوظبي. أما الفعالية الثانية فتمثلت في مهرجان تراثي استعرض أنماط الحياة التقليدية التي كانت سائدة. وأرى أن هاتين الفعاليتين متناقضتان تماماً في الشكل والمضمون”.
ونوّهت الدكتورة كارين إلى أن الاستثمار الكبير في المشاريع الفنية العالمية استقطب انتباه العالم، حيث قالت في هذا الخصوص: “يعد التفاعل مع المتاحف المبنية على النمط الغربي خياراً قيادياً استراتيجياً يساهم في حماية التراث الثقافي واللقى الأثرية المكتشفة حديثاً. لقد ساعدت المتاحف الحديثة مؤخراً على تعزيز مكانة وسمعة الدول من خلال استعراض الأعمال الفنية الغربية. لذلك لا تعتبر المتاحف مطلباً ضرورياً لكنها نابعة من رغبة ما”.
وكان الدكتور مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية في جورجتاون قطر، قد قام بتقديم الدكتورة كارين في بداية المحاضرة قائلاً: تشارك الدكتورة كارين إكسل في مشروع مركزنا البحثي حول الإنتاج الفني والثقافي في دول مجلس التعاون الخليجي. إننا سعيدون جداً باستضافتها في سلسلة محاضراتنا الشهرية للاستفادة من خبرتها وآرائها القيّمة حول الأبحاث المبتكرة التي نجريها في مرحلة هامة ومحورية من تطور المنطقة”.
وبالرغم من الأموال الهائلة التي تُصرف على مشاريع المتاحف الجديدة، والأثر الكبير لتصاميمها على المشهد العمراني للمدن العربية، والتغطية الإعلامية الهامة التي تحظى بها، أشارت الدكتورة كارين إلى أن ممارسات المتاحف التقليدية التي لا تحظى باهتمام إعلامي دولي تعتبر هامة جداً أيضاً.
وقالت: “تكمن قيمة مجموعات الأعمال الفنية التي يجمعها كل من الأفراد ودول المنطقة عند مالكها ومدى ارتباطه وتفاعله مع المجتمع. كما أن طريقة النفاذ إلى تلك المجموعات مختلفة جداً عن المتاحف الحديثة، فهي تعمل على تخليد ذكرى التاريخ المحلي بطريقة لا تستطيعها المتاحف الغربية التقليدية. إن هذه المجموعات تتميز بقيمتها الشخصية وهي مرتبطة بالأحداث التي توثّقها”.
يذكر أن كتاب الدكتورة كارين إكسل بعنوان “الحداثة والمتاحف في شبه الجزيرة العربية” سيتم نشره من قبل دار Routledge وسيركز على مناقشة التطور السريع الحاصل في قطاع المتاحف في شبه الجزيرة العربية. تحمل الدكتورة كارين إكسل شهادة الدكتوراه من جامعة دورهام، وقامت بتدريس تخصص المتاحف وشغلت عدة مناصب هامة في متاحف جامعية في المملكة المتحدة لأعوام عديدة. وقد أدارت إكسل برنامج الماجستير في المتاحف وممارسات المعارض الفنية في كلية لندن الجامعية في قطر بين 2011 – 2015.