مطلوب بحوث تجريبية لمكافحة الاتجار بالأطفال

يطالب الباحثون بوضع سياسات وخطط خدمية مدروسة.

استضاف مركز الدراسات الدولية والإقليمية بجامعة جورجتاون، يوم الأحد 4 مارس، محاضرة عن الأطفال ضحايا الاتجار. ناقشت إلزبيتا جوزدزياك، الأستاذ بمعهد دراسة الهجرة الدولية، جامعة جورجتاون، من خلال المحاضرة، التي عٌقدت ضمن “سلسلة الحوارات الشهرية” التي ينظمها المركز، التحديات والمشكلات والفرص المتاحة في دراسة الأطفال ضحايا الاتجار.

اعتمدت المحاضرة على المشروع البحثي الذي اكتمل مؤخرا، والذي أجراه معهد جورجتاون لدراسة الهجرة الدولية، بدعم من المعهد الوطني للعدالة بالولايات المتحدة الأمريكية.

أكدت جوزدزياك في مستهل محاضرتها على أهمية البحوث التجريبية لتوجيه جهود منع الاتجار بالأطفال وتصميم البرامج الخاصة بدمج الأطفال ضحايا الاتجار في المجتمع. وأضافت جوزدزياك: “لدينا الكثير من الأدبيات المكتوبة عن الاتجار بالبشر، لكن الكتابات القائمة على الأدلة لا تزال لا تحصي كثرة.” وفي إطار الثناء على الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية وإصدار قانون حماية ضحايا الاتجار، أعربت جوزدزياك عن قلقها من نقص الأسس التجريبية اللازمة لتوجيه صٌناع القرار، وأكدت أن وضع السياسات والتخطيط للخدمات سيكون أكثر فعالية وصلة بالأطفال ضحايا الاتجار إذا استند إلى فهم أوضح لحجم المشكلة وتعريفات أكثر تحديدا للبنى المختلفة، مثل الاتجار بالبشر والطفولة والضحية، إضافة إلى التعريف الذاتي للأطفال ضحايا الاتجار.

  تٌعد جورجتاون جامعة رائدة في هذا المجال، لكونها أول جامعة تقوم بإجراء الأبحاث عن الأطفال ضحايا الاتجار. سعت جوزدزياك وفريق البحث المعاون لها من خلال هذه الدراسة إلى سبر أغوار خبرات الأطفال الذين تعرضوا للاتجار داخل الولايات المتحدة لأغراض تتعلق بالجنس والعمل، وذلك من خلال دراسة استغرقت اثنى عشر شهرا، وتناولت 146 طفلا تعرضوا للاتجار في الولايات المتحدة الأمريكية. سعت الدراسة أيضا لتحليل إمكانية دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع. أما الهدف النهائي من الدراسة فتمثل في طرح سياسة وتوصيات بحثية لمنع الاتجار بالأطفال من جانب وحماية الأطفال الذين تعرضوا للاتجار من جانب آخر. جدير بالذكر أن المعهد الوطني للعدالة، الذراع البحثي لوزارة العدالة الأمريكية، اضطلع بتمويل هذه الدراسة.

نجحت الدراسة في تقديم العديد من الدروس المستفادة، حيث عكست مدى الصعوبة التي يواجهها الباحثون للوصول إلى العينة المستهدفة وللتوصل إلى نتائج يمكن تعميمها. شملت التحديات أيضا الوصول للأطفال والاتفاق على التعريفات. في هذا السياق، أكدت جوزدزياك أنه “من الصعوبة بمكان أن تقوم بدراسة ضحايا الاتجار، بينما لا يزالون يرزحون تحت نير الجريمة. يمكننا فقط أن نطلق لخيالنا العنان بشأن أماكن وجودهم والمهن التي يمتهنونها، لكن يبقى السؤال: كيف يمكننا الوصول إليهم؟” أشارت جوزدزياك إلى أن الوصول إليهم سيكون أسهل بمجرد انقاذهم من براثن هذه الجريمة، كما ألمحت إلى أنه – حتى في حالة الوصول إليهم – تبقى العديد من الإجراءات القانونية والتدابير الوقائية تمثل عائقا أمام الدراسة.

من ناحية أخرى، أكدت التحليلات التي تضمنتها الدراسة وجود اختلافات جوهرية بين الحالات، ومن ثم لم تقتصر الصعوبة على إمكانية التعميم من خلال هذه العينة الصغيرة، بل تجاوزتها إلى النتائج التي تنوعت أيضا بشكل لافت. فمن حيث التصورات، أشارت جوزدزياك إلى أن: “كل فرد يفكر في هؤلاء الأطفال بطريقته الخاصة. بل تتباين طريقة تفكير هؤلاء الأطفال في أنفسهم من طفل لآخر، بتباين المعاملة التي يتلقونها من التجار. وتضيف جوزدزياك أن التحديد الذاتي للهوية يمثل أهمية خاصة لتطوير خدمات إعادة التأهيل والاندماج في المجتمع، حيث تتحدد طبيعة خدمات الدعم التي يحتاج إليها الطفل وتقبله لهذه الخدمات من خلال نظرته لنفسه كطفل أو كشخص يافع، وكضحية أو كناج صامد.

تشغل جوزدزياك حاليا منصب مدير البحوث في معهد دراسة الهجرة الدولية بجامعة جورجتاون ومحرر مجلة الهجرة الدولية – وهي مجلة علمية متخصصة في تحليل الأبحاث والسياسات المتعلقة بالقضايا المعاصرة التي تؤثر على الهجرة الدولية، وتخضع أبحاثها لمراجعة النظير. قامت جوزدزياك أيضا بتأليف العديد من الدراسات، مثل “خلف البوابات المغلقة: المهاجرون في أمريكا متغيرة”.

قام مركز الدراسات الدولية والإقليمية ومعهد دراسة الهجرة الدولية في السابق بالتعاون في إجراء دراسة عن اللاجئين العراقيين في سوريا والأردن. وتزور جوزدزياك حاليا كلية الشؤون الدولية في قطر لبحث سبل إجراء مزيد من الدراسات المشتركة.