ندوة جورجتاون قطر حول مستقبل أفغانستان تؤكد على أهمية التعليم في مواجهة التحديات الاجتماعية والإنسانية
أكد المشاركون في “الندوة الإقليمية بشأن أفغانستان: مواجهة المأزق” التي نظمتها جامعة جورجتاون في قطر على أهمية التعليم كأحد أهم المجالات الأساسية القليلة التي يتوقف عليها مستقبل أفغانستان، مشددين في ذات الوقت على الحاجة إلى تضافر الجهودٍ بشكل جماعي لتحويل التعليم إلى وسيلة حقيقية لتحقيق السلام والازدهار والعدالة الاجتماعية.
وقد ألقى الدكتور صفوان المصري، عميد جامعة جورجتاون في قطر، الكلمة الافتتاحية للمؤتمر قال فيها: “بلغ الشعب الأفغاني مشارف أزمة إنسانية واقتصادية تتطلب إيجاد حلولٍ عاجلة. وعلى الرغم من أن المساعدات الإنسانية الدولية ضرورية، إلا أنها لا تستطيع لوحدها معالجة الأسباب الكامنة وراء تدهور الاوضاع في البلاد، بما فيها النزاعات السياسية والصراعات القائمة، وتدخل العناصر والجهات الخارجية المؤثرة”.
وأضاف الدكتور المصري: “يكتسب إقامة هذا الحوار في الدوحة بالذات مكانة خاصة، لما قامت به قطر من دور الوساطة في أفغانستان. إذ توجد مطالب أخلاقية وعملية أمام المجتمع الدولي تقتضي تحمله مسؤولية تعافي البلاد”.
عُقد المنتدى على مدار يومٍ واحد، وجمع كبار الخبراء والعلماء وصناع السياسات للتعمّق في النقاش حول التحديات الأساسية التي تواجه أفغانستان، خاصة تلك المتعلّقة بتداعيات المأزق المقلق بين أفغانستان وبقية العالم منذ استعادة طالبان السيطرة على الحكم في عام 2021. وطرحت الندوة تحليلات معمّقة ومهمّة تشمل الحلول التي يمكن أن تدعم التطلعات الاجتماعية والاقتصادية للشعب الأفغاني. وألقى المشاركون الضوء على الحاجة لإشراك جميع الجهات المعنية داخل أفغانستان وإقامة حوارٍ معها، بالإضافة إلى واجب المجتمع الدولي بزيادة جهوده الميدانية، بالتنسيق مع الجانب الأفغاني والشركاء الدوليين.
القاء الضوء على الحاجة للمساواة في التعليم
وكان منع البنات من الحصول على التعليم أبرز اهتمامات حلقة نقاش التحديات المنهجية للتعليم في أفغانستان، حيث ناقش الحاضرون المتطلبات والوسائل الكفيلة ببناء نظامٍ تعليمي حديث للبلاد، والحاجة إلى إحياء الإرث التاريخي للتعليم ضمن المجتمع الأفغاني.
وأكدت فاطمة جيلاني، مفاوضة السلام والرئيس السابق لجمعية الهلال الأحمر الأفغاني، على الحاجة إلى إشراك النساء والفتيات ودعمهن للوصول إلى المؤسسات التعليمية والمسارات التي لا تزال متاحة لهن. فيما أوضح سلمان بن شاه، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ Catalysts.Af، أنه من بين مختلف التحديات التي تواجه أفغانستان، هناك حاجة ماسة إلى تغيير قطاع التعليم بشكلٍ جذري، بما في ذلك توفير محتوى تعليمي جيّد يقدمه معلمون أكفاء.
من جانبها، أشارت السفيرة ميلاني فيرفير، مدير معهد جورجتاون للمرأة والسلام والأمن، إلى نتائج دراسة دولية حديثة تؤكّد على ضرورة ضمان الحقوق الأساسية للمرأة، بما في ذلك الحق في التعليم، من أجل تعزيز قدرة الدولة على تحقيق التنمية، والنمو الاقتصادي والسلام والأمن على المدى الطويل.
مرونة الإعلام، تغير المناخ، وتصور المستقبل
وبحثت حلقة نقاش بعنوان “التقارير من مناطق النزاع: قدرة وسائل الإعلام على الصمود في أفغانستان” الصعوبات التي واجهت الصحفيون الأفغان خلال السنوات العشرين الماضية، وذلك من الناحية الأمنية وتحديات الوصول إلى مصادر المعلومات. وأوضح علي لطيفي، محرر الشأن الآسيوي لدى “ذا نيو هيومانيتاريان” ومراسل الجزيرة الإنجليزية بكابول، أنه رغم من الأزمة المالية التي يشهدها القطاع الإعلامي في أفغانستان والقيود المفروضة على الموضوعات التي يمكن تغطيتها، ما تزال وسائل الإعلام تجد طرقًا للعمل والحديث عن القضايا المهمة مثل تعليم الفتيات. في المقابل، أشارت سناء صافي، صحافية في الخدمة العالمية لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، إلى انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة التي ظهرت بسبب غياب قادة الفكر المحليين، وعدم القدرة على النفاذ إلى المعلومات.
واستكشفت حلقة نقاش بعنوان “أفغانستان كما يتخيلها الأفغان” مختلف السرديات حول أفغانستان، وتم خلالها التأكيد على قوة سرد القصص في فهم الديناميكيات الاجتماعية والتاريخية والثقافية المعقدة لشعبها.
وسلّط متحدثون بارزون في جلسة “تغير المناخ وإدارة الموارد الطبيعية” الضوء على التحديات البيئية الملحة التي تواجه أفغانستان. كما أوضحوا أن تدهور الأمن المعيشي وندرة الغذاء، بالإضافة إلى الصعوبات الأخرى، تتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية في تلك البلاد.
نبذة عن سلسلة حوارات
تجمع سلسلة مؤتمرات “حوارات” بجامعة جورجتاون في قطر بين الباحثين والخبراء والجمهور لاستكشاف التحديات العالمية المشتركة بهدف استشراف مستقبل أفضل من خلال الحوار والمناقشة. يوفر كل مؤتمر من هذه السلسلة مساحة شاملة تشجع على المشاركة المجتمعية وخلق المعرفة والبحث عن حلول مبتكرة للتحديات الحالية والمستقبلية.