أستاذ في جامعة جورجتاون قطر يلقي الضوء على العلاقات السعودية الإيرانية في محاضرة عامة
اجتمع طلبة جامعة جورجتاون قطر وأعضاء المجتمع المحلي والدبلوماسي في قطر لحضور محاضرة ضمن سلسلة الحوارات الشهرية أقيمت تحت عنوان “إدارة التنافس السعودي الإيراني”. وتحدث في المحاضرة الدكتور إبراهيم فريحات، كبير الزملاء في السياسة الخارجية لدى مركز بروكنجز قطر، حيث قدم فريحات بعض الحلول للتوترات السياسية بين الدولتين. وتقام سلسلة المحاضرات تحت رعاية مركز الدراسات الدولية والإقليمية، وهو المركز المتخصص بالأبحاث في جامعة جورجتاون قطر.
واستهل الدكتور إبراهيم فريحات المحاضرة قائلاً: “لدى الدولتين مخاوف أمنية، لكن القضية تتجاوز مجرد التنافس الطائفي”. ولتسليط الضوء على محدودية أهمية شرح التوترات من منظور الطائفية، أشار الدكتور فريحات، الذي يعد خبيراً في مجال حل النزاعات الدولية وأستاذاً مساعداً في جامعة جورجتاون قطر، إلى العلاقة التاريخية بين الدولتين، حيث قال إن العلاقة قبل الثورة الإسلامية الإيرانية في العام 1979 كانت “علاقة حيادية إن لم تكن ودّية”. لكنه عاد وأشار إلى أن العلاقات بين السعودية وإيران تدهورت لاحقاً عقب دعوة إيران إلى تصدير الثورة إلى دول المنطقة واندلاع الحرب العراقية الإيرانية. وعلى الرغم من دفء العلاقات لفترة قصيرة في تسعينيات القرن الماضي، ساهمت حرب العراق في العام 2003 والعوامل الجيوسياسية ما بعد الربيع العربي في تصاعد التوترات إلى قمتها.
وقال الدكتور فريحات في هذا الصدد: “نرى في حل النزاعات أنك إذا كنت قادراً على تحديد قضية معينة، فهذا إنجاز هائل يسهم في إدارة أو حل النزاع. ولذلك كان التنافس بين إيران والسعودية صعب الحل، إذ ليس هناك أي توافق أو فهم واحد للصراع، وليس هناك أي فكرة واضحة حتى ضمن الأطراف المعنية”.
وبالرغم من الوضع الدبلوماسي القائم بين الدولتين، يصرّ فريحات على أن النزاع حول سوريا واليمن يتصدر العناوين الصحفية، لكن الأمور التي تتشارك بها الدولتان هي أكثر بروزاً في الحقيقة. وفي هذه الأمور المشتركة بالتحديد توجد مساحة للتفاوض.
وقال الدكتور فريحات: “لا تدعوا المواقف الواضحة للدولتين تضللكم لأنكم سترون فيها النزاعات والاختلاف فقط. لكن في الواقع كلا الموقفين أكثر ترابطاً، فكل من السعودية وإيران تستجيبان للمتطلبات الأمنية والاحتياجات الاقتصادية والبيئية. لذا علينا أن نشرك قضايا الأمن والأعمال وأن نحدد الجوانب التي تضم احتياجات مشتركة”.
وبناء على تلك الاحتياجات المتبادلة، وضع الدكتور فريحات سيناريو لإدارة حل النزاعات يتضمن التوسط، والحوار، وإجراءات بناء الثقة، وخطط السلام الموثوقة، وإقامة مناطق سلام، وتطوير جوانب للاعتماد المتبادل، وإعادة توازن القوى في نهاية المطاف.
وأكد فريحات بشكل خاص على الحاجة إلى تجاوز مجرد الاعتماد على جهود التوسط العالية إلى إشراك الفئات الجماهيرية الأساسية. وقال في هذا الخصوص: “اسألوا أنفسكم: كم عدد الطلبة الإيرانيين الذين يدرسون في قطر أو في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى؟ وكم عدد العرب في إيران؟ وكم عدد برامج التبادل التعليمي المتبادلة؟ وما هو مستوى معرفة أحد الطرفين للآخر؟ وما هو مستوى اشتراك الطرفين في البحوث والإعلام وغيرها لبناء أساس قوي وزيادة فرص تخفيف التوترات؟ يجب علينا أن نخلق هذه الروابط وأن نستثمر في جوانب أخرى تمكّننا من دعم التعاون في المستقبل بين الدولتين”.
وتعليقاً على محاضرة الدكتور فريحات، قال الدكتور مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية: “إن الخوض في تعقيدات العلاقات السعودية والإيرانية أمر صعب يفضي عادة إلى حوارات حول قضايا طائفية. لكن تحليل الدكتور فريحات المعمق لنزاع معروف من جذوره لدى دارسي الاختصاصات الجيوسياسية يسلط الضوء على الموضوع ويمنحنا الأمل بإمكانية تخفيف التوترات القائمة”.
يذكر أن الدكتور إبراهيم فريحات قام بتدريس اختصاص حل النزاعات الدولية في جامعة جورجتاون وجامعة جورج ميسون. وقد ألّف فريحات العديد من الكتب ويركز في أبحاثه على حل النزاعات في العالم العربي، مع التركيز بشكل خاص على إدارة النزاعات والتوسط، والانتقال، والتصالح الوطني، والحوار الوطني، والإصلاح المؤسسي، وإعادة البناء عقب النزاعات.