أطروحة خريج جورجتاون تقوده إلى دراسة حالة تحت مظلة الأمم المتحدة التي تصدر تقريرا في ختامها
أتم عبادة خالد دياب دراسته الجامعية بجورجتاون في قطر متخصصا في الاقتصاد الدولي مع مرتبة الشرف عام 2018، وهو سوري الأصل ولد في دمشق يحمل الجنسية الامريكية، ومارس العمل الخيري والتطوعي منذ صباه، ولكن دمشق ظلت تسكن قلبه رغم انه غادرها صبيا.
رغم الاغتراب، أصبحت الدوحة وطنه الثاني، وبفضل تماسك أسرته واهتمام والديه بتربيته على مبادئ وقيم أصيلة بأن يأخذ الانسان بيد ويعطي في المقابل باليد الأخرى. في سن 13 سافر الى باكستان في اول مهمة اغاثية تطوعية، وفي العام التالي سافر الى الحدود الكينية الصومالية وسط ازمة الجفاف التي تعرضت لها المنطقة، وفي العام التالي عمل في الإغاثة والعمل الخيري في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا والأردن.
في سن الرابعة عشرة قدم كلمة على منصة “تد اكس” للشباب اقيمت بمسرح جورجتاون في قطر تحدث فيها عن تجربته في العمل الخيري والنشاط الشبابي ودعا الشباب الى ان يأخذوا زمام حياتهم بأيديهم حتى يتمكنوا من تقديم ما يفيد المجتمع والاخرين.
قبيل التحاقه بجورجتاون في قطر عام 2014 كان تركيزه المبدئي على قضايا الاقتصاد الإسلامي، حيث قضى شهرا في الجامعة العالمية للتمويل الإسلامي في ماليزيا، وكرس وقته وجهده في جورجتاون ليصب في مسار تحقيق هدف خدمة الاخرين المحتاجين، وهو هدف يتطابق مع فكرة “رجال ونساء من أجل الاخرين”، التي تأتي ضمن قيم جورجتاون اليسوعية.
عن هذا يقول عبادة: ” كان هذا من أهم القيم في ذهني وضعته نصب عيناي طوال فترة دراستي وحتى خلال التدريب العملي الذي قمت به، الذي كان مع منظمات وأجهزة تعمل لتوفير الوظائف للشباب العربي في مؤسسة “صلتك”، وتقديم أكبر قدر من العون المساعدة للشباب في دول العالم العربي وخصوصا في آسيا، وكنت ضمن الذين مثلوا شباب قطر للمشاركة في القمة الانسانية العالمية في إسطنبول 2016.”
تفوق عبادة في دراسته وشغل دورا قياديا كممثل للفصل الدراسي وانخرط في العمل مع الطلاب وبمرور الوقت انحسرت الفكرة وتبلورت في الوطن سورية وما يتعرض له من مآسي، وظل دائما يربط بين دراساته ووطنه، وازدادت الصورة وضوحا خلال عمله بمنتدى الشرق الشبابي الذي ساعد في توسيع شبكة علاقاته في انحاء العالم. وقد بدأ في وضع الخطوط العريضة لأطروحة التخرج، حيث أمضى نصف العام الدراسي الاخير في واشنطن، قبلها تعرض لظروف صحية صعبة عطلت رحلته التعليمية وأخرت تخرجه، وعن هذا يقول عبادة : “اضطررت للتوقف عن الدراسة لظروف صحية، وقد ساندتني الجامعة وتفهمت ظروفي ووقفت بجانبي، وكان هذا تتويجا لما قدمته لي جورجتاون، فقد ساهمت في تغيير مسار حياتي على نحو رئيسي، علمتني الجانب الاكاديمي وأكسبتني مهارات الكتابة والتعبير والقدرة على تنظيم أفكاري وترتيب اولوياتي، وما درسته كان يقدم النظرة المقربة المتفحصة لكل شيء ومنحتني الأدوات القيمة التي سأواصل الاستعانة بها في مسار حياتي المهنية، وبما انني درست الاقتصاد، فقد كان عنوان اطروحتي هو تداعيات النزاعات وآثارها على التعليم: تقييم التشغيل الفعال للمدارس وتقدير تكاليف الرعاية والرفاه في سورية. وقد تواصلت مع إحدى الجهات غير الحكومية للحصول على بيانات أساسية واحصائيات عن المدارس في سورية، ومن هذه الاحصائيات استخرجت سؤالي المحوري لموضوع الرسالة، كيف تؤثر الحرب على المدارس وتشغيلها، وكيف ان تواجد المدارس في مناطق نفوذ مختلفة يؤثر على وجودها وتشغيلها، والاستنتاج النهائي يشير إلى إن المدارس في المناطق تحت سيطرة الاكراد وداعش ليست لديها نفس القدرة على التشغيل كالمناطق الخاضعة لسيطرة اطراف أخرى، بينما يشير الى أن نحو 44% من الأطفال في سن الدراسة في سورية لم يتلقوا تعليما مناسبا أو لا يدرسون على الإطلاق، والرقم التقديري لإعادة الاعمار لأكثر من 3000 مدرسة يصل الى نصف مليار دولار عام 2016.”
هذا البحث المستفيض قاد عبادة للمشاركة بنشاطات الأمم المتحدة في دراسة حالة عن التعليم في حالات الطوارئ مع التركيز على سورية، وهي الدراسة التي أجريت في هولندا وتم نشر تقرير بشأنها خلال نهاية 2018. واليوم، وبعد تخرجه بمرتبة الشرف، يقول عبادة إنه يسعى للعمل في مجال إعادة إعمار سورية ويتساءل: “ماذا يمكن ان أقدم للإنسان، فلابد ان أرد نعمة الله لي، وقد علمتني قيم جورجتاون اليسوعية، وهي نفس القيم الإسلامية والإنسانية التي تربيت عليها مثل “رجال ونساء من اجل الاخرين”، وهي مرتبطة بطبيعة حياتنا. وهذه رغم مثاليتها الشديدة، واصطدامها بواقع الحياة تنبع من الإيمان بأن الخير يسكن المستقبل، ولذلك فيجب ان تكون متفائلا برؤية للمستقبل، فمن المتوقع أن تتعرض لضغوط وأن تقبل بالأمر الواقع مع محاولة تغييره بقدر الإمكان رغم صعوبته مرارته، فهذا سبب خلقنا على الأرض، لكي يسعى الانسان بنيات صادقة لان سعيه سوف يرى، وهذا امر لابد ان يصدق الانسان فيه النية ويسعى لتحقيقها.”
يؤكد عبادة أنه نضج بسرعة خلال سنوات دراسته الأربع في جورجتاون، التي منحته الفرصة ليتعلم ويجرب ويسعى ويخطئ ويصيب، فاستطاع أن يحسن من نفسه ويطورها ليصبح أقرب الى ما يريد تحقيقه، كان قادرا على تحقيق الكثير من أهدافه، والتقدم بخطوات أوسع ليصبح أقرب إلى العديد من الأهداف الأخرى.
باب التقديم للالتحاق بالجامعة لفصل خريف 2019 مفتوح في الوقت الحالي، ندعو الطلاب المهتمين بمعرفة المزيد الى زيارة الصفحة الالكترونية للتسجيل والقبول في https://www.qatar.georgetown.edu/admissions.