“استراتيجية التعامل مع حصار قطر تمثل إطار العمل اللازم لمكافحة تغير المناخ” أستاذ بجامعة جورجتاون
أشار الدكتور أناتول ليفين، الأستاذ بجامعة جورجتاون في قطر، ومؤلف كتاب رئيسي جديد عن تغير المناخ، يوصف بأنه تمثل تحديا للاتجاهات التقليدية الشائعة بشأن هذه القضية، إلى أن سرعة تعامل دولة قطر مع الحصار الذي تتعرض له ونطاق الإجراءات المتخذة للحد من آثاره، يعتبرا درسا في مرونة الدولة والقدرة على التكيف المطلوبين لتحويل المسار المدمر لظاهرة تغير المناخ في جميع أنحاء العالم.
وقال الدكتور ليفين إن ما لوحظ من تحولات اقتصادية سريعة في قطر، وتطوير للبنية التحتية ساهما في تفكيره بشأن إيجاد حلول لظاهرة تغير المناخ، وهو ما يوضحه في كتابه الجديد: “تغير المناخ والدولة القومية: الحالة الواقعية”.
في هذا الكتاب، يستخلص الدكتور ليفين، أستاذ دراسات الحكم في جورجتاون، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، الدروس المستفادة من التاريخ ليدفع بأن الدول القومية وحدها لديها القدرة على إنجاز هذه النوعية من التغيير الجذري اللازم لمنع وقوع الكوارث البيئية، ويقول: “لقد جعلتني تجربة قطر أفكر في كيفية استجابة الدول التي تتسم بقدرات بذل جهود فعالة تقودها الدولة لمواجهة الأزمات”.
ويضيف قوله إن نجاح هذا الجهد ومساهمته في رفع المشاعر الوطنية، يوفر مادة خصبة لإجراء دراسة حول كيفية فهم تغير المناخ على أنه تهديد للمصالح الحيوية للدول القومية أن يحفز إنطلاق ردود الفعل الوطنية المطلوبة.
يعتمد د. ليفين في كتابه على التاريخ لإثبات أن اثارة المشاعر الوطنية كانت سببا في تحقيق استجابة ناجحة ليس فقط لحالات الحرب، ولكن أيضا لتحديات من قبيل الحاجة إلى إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية صعبة. وعلى وجه الخصوص، يستكشف ماعرف تاريخيا باسم “الصفقة الجديدة”، وهي تدابير الإغاثة والإصلاح الموسعة التي اتخذها الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت خلال فترة الكساد الكبير في الثلاثينيات.
وعن هذا يقول دكتور ليفين: “إن التدابير الناجحة لتغيير المجتمعات والاقتصادات كانت دائما تحظى بدعم قوي من قبل الدول القومية، وليس من قبل المنظمات الدولية”، مشيرا إلى مثال تعاملات الدول القومية مع مخاطر تفشي الوباء العالمي – وهي أزمة كانت الهيئات والمنظمات الدولية غافلة عنها بكل شبه كامل تقريبا. ويقول: ” ما يهم حقًا عند مكافحة الوباء، هو القدرة على إغلاق الحدود ، ومنع التجمعات، وإغلاق طرق النقل، وهي امور لايمكن، سوى للدول بصفتها الفردية، أن تقوم بها.”
وفيما يتعلق بتغير المناخ، كما يقول، ففي حين أن هناك حاجة إلى اتفاقات دولية وجهود على مستوى القاعدة الشعبية، “يتم توجيه كل هذه الجهود في نهاية المطاف نحو الضغط على حكومات الدول لاتخاذ إجراءات فعالة”.
ويدعو ليفين الدول إلى اعتماد خطط وبرامج وطنية تقوم على أساس “اتفاقيات بيئية جديدة”، مخصصة لتطوير مصادر للطاقة البديلة، وشبكات للنقل العام، والابتكار التكنولوجي، والنمو الاقتصادي، وفرص عمل جديدة وتعزيز التضامن الاجتماعي. وأشار إلى أهمية أن تستخدم المبالغ المالية الضخمة التي يتم ضخها حاليا في الاقتصادات لمواجهة الآثار الاقتصادية السلبية للوباء يجب أن تستهدف تحقيق هذه الأهداف، وليس إنفاقها بشكل عشوائي.
قامت دار نشر “بنغوين” في المملكة المتحدة ومطابع جامعة أكسفورد في الولايات المتحدة الأمريكية بنشر كتاب “تغير المناخ والدولة القومية: الحالة الواقعية”. وستنشر نسخة ورقية منقحة من الكتاب في عام 2021. وكان البروفيسور أناتول ليفين في السابق يعمل مراسلاً في جنوب آسيا والاتحاد السوفياتي السابق، وهو خبير بعدد من مراكز الأبحاث في واشنطن العاصمة. ويعمل حاليا بتدريّس مواد القومية والعلاقات الدولية والسياسة الخارجية الأمريكية والأنظمة السياسية المقارنة في جامعة جورجتاون في قطر. وهو عضو في المجلس الاستشاري لجنوب آسيا بوزارة الخارجية والكومنولث البريطانية، وشارك في العديد من اللجان لمناقشة تغير المناخ وتأثيره على السياسة العالمية. وله عدة مقالات عن هذا الموضوع في العديد من المجلات والصحف بما في ذلك “ذي اوبزرفر” في المملكة المتحدة و “ذي ناشيونال انترست” بالولايات المتحدة الأمريكية.