القطعة المفقودة في منظومة السلام: داخل منتدى جورجتاون لنساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
“أريد أن أدعونا جميعا إلى إعادة التفكير فيما يعنيه السلام حقا”. بهذه الكلمات، افتتح عميد الجامعة د. صفوان المصري حلقة نقاش عامة بعنوان “أصوات متمكنة: نساء يصنعن السلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، استضافتها جامعة جورجتاون في قطر ومعهد جورجتاون للمرأة والسلام والأمن، بالتعاون مع مكتب وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية.
كانت هذه الجلسة بمثابة تأسيس لانعقاد حدث أكبر استمر يومين في الدوحة، حيث جمعت جامعة جورجتاون في قطر ومعهد جورجتاون للمرأة والسلام والأمن، بالتعاون مع وزارة الخارجية القطرية، عددا من القيادات النسائية الناشئة من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما شهد اللقاء إطلاق مبادرة “نساء صانعات للسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، وهي منصة جديدة تهدف إلى تعزيز دور المرأة في حل النزاعات وبناء السلام في أنحاء المنطقة. وقد التقت سعادة السيدة لولوة الخاطر وزيرة الدولة للتعاون الدولي بالمشاركات في اليوم الأول، حيث ذكرت خلال كلمتها الافتتاحية: “إن هذه المبادرة هي أكثر من مجرد تجمع، إنها رسالة لتوظيف المواهب الاستثنائية ، والقدرات الكامنة، والقدرة على الصمود والمرونة لدى المرأة العربية أينما كانت.” وقد كرمها معهد جورجتاون للمرأة والسلام والأمن بجائزة “تريلبيزر” للعام 2024، تقديرا لقيادتها الدبلوماسية وجهودها الإنسانية المثالية، والتزامها الراسخ بتعزيز جهود السلام وتمكين المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أرست الكلمة الافتتاحية للعميد صفوان المصري، في الندوة العامة التي اقيمت بجامعة جورجتاون في قطر، نبرة تأملية، حيث أشار إلى أن “السلام يمكن تعريفه على أنه غياب العنف أو نهايته. لكن السلام هو أكثر من مجرد شوارع هادئة أو توقف إطلاق النار. السلام يبث الحياة في الكرامة، ويعزز الأمل، ويصنع الفرص”.
وشدد العميد صفوان المصري على أن السلام بدون عدالة يحمل في طياته مخاطر أن يصبح “هدوءا هشا، كلوح من الزجاج الرقيق للغاية، الذي غالبا سيتحطم عند أقل هزة”. وانتقل إلى فلسطين، وحذر من مخاطر هذا “السلام السلبي”، حيث أخفى الصمت الظلم الذي طال أمده ضد النساء لأجيال متعاقبة.
وفي معرض تسليط الضوء على الدور الحيوي للمرأة، قالت السفيرة ميلاني فرفير، المديرة التنفيذية للجمعية: “لا يمكننا تحقيق السلام دون مشاركة المرأة مشاركة هادفة”. ولفتت الانتباه إلى ندرة التمثيل التاريخي للمرأة في مساعي السلام الرسمية، مضيفة أن مشاركة المرأة توسع من نطاق الحوار ليشمل المصالحة وحقوق الإنسان والفرص الاقتصادية.
وطوال الفعالية، قدمت الندوة صوت النساء لبناء السلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللواتي شاركن أفكارهن الشخصية و رؤاهن حول التحديات التي يواجهنها. ودافعت الدكتورة أمل المالكي، العميدة المؤسسة لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة، عن أهمية “الأبحاث الدراسية النابعة من المجتمعات المحلية، وليست متأثرة بالمركزية الأوروبية، وليست شيئا نستورده من الخارج”. وحذرت من “التبسيط الاستعماري المختزل والصور النمطية” التي غالبا ما تقيد نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أطر محددة من خلال عدسة سلبية.
وفي تناولها للحاجة الملحة إلى تغيير هيكلي، أكدت الدكتورة هدى عبادي، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة استشارات السلام الإبداعية، على اتباع نهج متداخل متعدد التقاطعات ضمن أجندة المرأة للسلام والأمن (WPS). وأشارت إلى الثغرات الموجودة بالأطر الدولية التي غالبا ما تتجاهل الاحتياجات الواضحة للمرأة في الجنوب العالمي. وحثت د. العبادي أجندة المرأة للسلام والأمن على “تبني فهم شامل للديناميكيات المحلية والعالمية”، مشددة على أن الحلول يجب أن ترتكز على تجارب المجتمعات الأكثر تضررا بسبب النزاعات.
واشاد محمد الناصري، مستشار هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالتنوع داخل مجموعة الاجتماع، مشيرا إلى أن “أحد أهم الأسباب التي جعلته استثنائيا هو تكوينه … بالنساء اللواتي كن في مجال ريادة الأعمال والأنشطة التجارية، والنساء اللواتي يكرسن حياتهن لإنهاء العنف ضد المرأة”. وشددت تعليقاته على الحاجة إلى اتباع نهج شامل في عمليات السلام يعكس تنوع أدوار المرأة ومساهماتها.
وفي ختام الندوة، كان من الواضح أن مبادرة “نساء صانعات للسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” ستواصل بناء زخمها. وهن يخططن لتعميق ابعاد هذه المحادثات وتوسيع نطاق تأثيرهن، وتعزيز شبكة من القيادات المكرسة لإعادة تشكيل مستقبل السلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.