تدشين مؤتمر يتناول التجديد في الإسلام
مؤتمر يستمر لمدة يومين يناقش الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية في الإسلام.
افتتح مركز الدراسات الدولية والإقليمية بجامعة جورجتاون – كلية الشؤون الدولية في قطر مؤتمره الأكاديمي السنوي، الذي يحمل عنوان “التجديد في الإسلام”.
يسلط المؤتمر، الذي يستمر لمدة يومين، الضوء على تأثير الإسلام على المجتمع والعالم. ويؤكد مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية أن الهدف الأساسي من المؤتمر “يتمثل في بيان العمق الحقيقي للدراسات الإسلامية كتخصص ينضوي على أبعاد متعددة تتجاوز حدود الصور النمطية.”
افتتح د. سيف الهاجري، عضو مجلس إدارة مؤسسة قطر، وجيمس ريردون أندرسون، عميد كلية الشؤون الدولية في قطر، أعمال المؤتمر. أكد أندرسون في كلمته على أهمية المشاركة الجماهيرية في المؤتمر، مشيرا إلى أن المؤتمر يمثل في الأساس “مشاركة من بعض مؤسسات الدولة مع الشعب القطري بشأن قضية هامة.”
أعقبت الكلمات الافتتاحية حلقة نقاشية عن قضية اللغة والتاريخ في الإسلام، شارك فيها كل من نصر حامد أبوزيد، الأستاذ بجامعة الدراسات الإنسانية، ونيللي حنا، الأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. أكد أبو زيد استحالة ترجمة النص القرآني، مع إمكانية ترجمة معانيه، بغرض التعرف على الإسلام وتعلمه.
من جانبها، تحدثت حنا عن استخدام معجم عربي من القرن السابع عشر كوسيلة لفهم التاريخ الاجتماعي. سلطت حنا الضوء على معجم للعامية العربية ألفه يوسف مغربي في القاهرة حوالي عام 1600. وتؤكد حنا أن هذه الوثيقة تسمح للأكاديميين بفهم المجتمع واللغة أثناء الفترة الانتقالية نحو المجتمع الحداثي بصورة أفضل. وأضافت أن “اللغة العامية توضع الآن في إطار البحث الأكاديمي.”
سلطت الجلسة الثانية الضوء على الدور الذي قامت به المؤسسات الإسلامية، مثل المسجد والعائلة، في المجتمعات الإسلامية. عرضت سمية حمداني، الأستاذ بجامعة جورج ميسون بالولايات المتحدة الأمريكية، لقضية التأكيد على الهوية الإسلامية في زمن الخلافة الفاطمية، والإرث الذي خلفته.
كما ناقشت أميرة سنبل، الأستاذ بجامعة جورجتاون، قانون الأحوال الشخصية المعمول به في العالم العربي وعدم استناد هذا القانون إلى أحكام الشريعة الإسلامية وحدها. أكدت سنبل أن قانون الأحوال الشخصية، الذي ينص على حقوق الأفراد، ربما يستند إلى الشريعة الإسلامية، لكنه تأثر بقوة بالتعريفات القانونية الأوربية. وألمحت سنبل إلى أن تعريفات الأحوال الشخصية في القوانين المعمول بها في البحرين مستمدة من التعريفات الموجودة في القانون المصري في القرن العشرين والقانون الفرنسي في القرن التاسع عشر.
من جانبه، تحدث زكريا عبد الهادي، الأستاذ بجامعة قطر، عن الدور المتغير الذي قام به المسجد في المجتمع الإسلامي، مؤكدا: “كان المسجد بمثابة مؤسسة روحية وتربوية واجتماعية وإدارية ووقائية.” أما الآن، فقد انتقلت بعض هذه الأدوار (مثل الدور التربوي) في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة إلى مؤسسات حكومية.
على الصعيد ذاته، شارك كل من حسن حنفي ومحمد أركون وطارق رمضان في الجلسة المسائية التي حملت عنوان “الإسلام والعملية الفكرية”. أمضى المفكرين الثلاثة وقتا رائعا في الحديث عن الأطر المتناقضة لمناقشة تفسير الإسلام والقرآن. تحدث حنفي عن هذا الطيف الواسع والمجال الممتد الذي يحمل اسم الإسلام، وأكد: ” لا يمكن اختزال الإسلام في كتلة واحدة، لأنه ينضوي على اتجاهات متعددة.” لكن يبقى أن الآلة الإعلامية لا ترى سوى الحركة الأصولية، وتتجاهل بشكل كبير سائر الحركات والتوجهات.
من جانبه، تناول أركون، الأستاذ بجامعة السوربون بباريس، إشكاليات الحداثة في الفكر العقلاني، مؤكدا: “تكمن إشكالية الحداثة في أننا لا نستخدمها للتفكير في الثقافات الأخرى”، وأضاف أنه يتعين علينا دراسة وتحليل النص القرآني وسائر النصوص الدينية من وجهة نظر أنثروبولوجية مجازية خالصة، بدلا من اعتماد المعنى اللاهوتي وحده، ليخلص في النهاية إلى: “لم يعد العقل محل احترام.” إن الطريقة المثلى لفهم القرآن، حسب أركون، تكمن في تحليل النصوص من وجهة نظر عقلانية خالصة.
عارض رمضان، الأستاذ بكلية القديس انطوني، جامعة أكسفورد، وجهة نظر أركون، مشيرا إلى أن فهم السياق يمثل شرطا أساسيا لفهم النص القرآني. كما أكد رمضان أن المناقشة العقلانية تقتضي التعريف بالإطار المرجعي الذي ينطلق منه المفكر، حيث يخضع المفكرين في تفسيراتهم للنصوص لتأثير الخلفيات التي ينتمون إليها والخبرات التي يحوزونها، وتكمن الطريقة الوحيدة لتقديم تحليل علمي موضوعي للنص في الكشف عن هذه التصورات والأفكار المسبقة.
أنهى اليوم الأول من المؤتمر أعماله بكلمة هامة ألقاها الشاعر الشهير أدونيس، أوضح فيها مواطن الاتصال والانفصال بين الدين والشعر، مؤكدا أن الإسلام في ذاته ليس بحاجة إلى التجديد، وإنما يجب على المسلمين أن يعيدوا اكتشاف أنفسهم من خلال العقل والحرية.
يواصل المؤتمر أعماله يوم الأحد من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الرابعة والنصف مساءا في فندق فور سيزونز بالدوحة.