تعرف على الأستاذة القطرية التي تعلم صوت قطر للعالم
خلال منتصف فترة ما بعد الظهر في جامعة جورجتاون في قطر، ويتسرب ضوء الشمس عبر النوافذ العالية للفصل الدراسي المليء بالطلاب. في مقدمة الغرفة تقف الأستاذة نوف آل ثاني (دفعة 2012)، زميلة ما بعد الدكتوراه بجامعة جورجتاون في قطر، التي تقود المشهد بسهولة ويسر. يخترق صوتها الثرثرات الجانبية بين الطلاب وهي تبدأ مناقشة حول الدبلوماسية الثقافية القطرية. من حولها، يستمع الطلاب باهتمام، ويفتحون دفاتر الملاحظات، استعدادا لتدوين رؤى الأستاذة الباحثة التي يتجاوز عملها حدود الفصل الدراسي.
في هذه اللحظة، تقوم البروفيسور نوف آل ثاني بتشكيل رؤية جيل جديد من الطلاب وكيف يرون العالم ومكانهم فيه. وعن هذا تقول: “لقد قمت بتدريس أربعة فصول في جامعة جورجتاون في قطر”. وذكرتها بترتيبها الزمني، وهي: “الممارسات الثقافية والتنمية المستدامة في قطر”، و”القوة الناعمة في قطر، والمشهد العالمي المتلاحق”: “فهم العالم من خلال مجموعات المقتنيات”. وتضيف: “يعكس كل مساق منها شغفي باستكشاف دور الثقافة والدبلوماسية والهوية، سواء على الصعيد العالمي أو داخل قطر.”
يجري دمج وجهات النظر القطرية بعمق في جميع مقررات البروفيسور آل ثاني. وهدفها هو إعداد الجيل القادم من القادة والمفكرين والسفراء الثقافيين الذين سيرفعون صوت قطر إلى فضاءات أبعد، وعن هذا تقول: “بصفتي عضو هيئة تدريس قطرية، أرى دوري كجسر بين الخبرات المحلية والخطاب الأكاديمي العالمي، وتتيح لي خلفيتي وخبرتي تقديم منظور فريد حول دور قطر الناشيء في العالم.”
بدأت الأستاذة نوف آل ثاني فصولها الدراسية باستكشاف الجذور الثقافية لدولة قطر وكيف تستفيد من أصولها الثقافية لتحقيق النمو المستدام، والحفاظ على التوازن بين التقاليد والتحديث المتسارع. من تلك النقطة، تبحث مناهجها الدراسية في كيفية مساهمة هذه العناصر في تشكيل صورة البلاد وانطباعات العالم عن وجودها على المسرح العالمي.
بالنسبة للبروفيسور نوف آل ثاني، بدأ هذا الشغف بربط الثقافة بالدبلوماسية قبل سنوات، عندما انضمت إلى هيئة متاحف قطر. متأثرة بأبيات شعر والدها وبتوجيه من سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، تعلمت البروفيسور نوف آل ثاني كيف يمكن وشج الفن والتراث والهوية الوطنية في نسيج الشخصية العالمية للبلاد، وعن هذا تقول: “أنا ممتنة للغاية لدعم سعادة الشيخة المستمر وإرشادها لي طوال مسيرتي المهنية، لقد ساهمت قيادتها بدور أساسي في نضوجي.”
حصلت د. نوف آل ثاني على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة حمد بن خليفة، وهي حاصلة على درجة الماجستير في ممارسة المتاحف والمعارض من كلية لندن الجامعية في قطر. ولديها عشر سنوات من الخبرة في القطاع الثقافي، حيث تشغل الآن منصب نائب مدير التعلم والتوعية في متحف لوسيل بينما تقوم أيضا بالتدريس في جامعة جورجتاون في قطر. وفي كلا الدورين، تربط بين النظرية الأكاديمية ومبادرات العالم الواقعي، وتقدم لطلابها نافذة فريدة على كيفية وضع قطر لنفسها على الساحة العالمية – سواء من خلال المعارض الفنية الدولية أو الأحداث الرياضية الكبرى.
تتذكر الأستاذة نوف آل ثاني التجارب التي مر بها طلابها، وبعضهم وافدون من دول أخرى، ومن بينها لحظات الإدراك المفاجئ “آها”، حيث يدركون مباغتة القوة التي يحملها التراث الثقافي للأمة. ومن خلال فصولها الدراسية، يقدّرون كيف تمثل قطر، على الرغم من صغر حجمها، شيئا أكبر بكثير على الساحة العالمية، وهي رؤية أصبحت مصدر إلهام للدول الأخرى.
في مقرر” قوة قطر الناعمة”، على سبيل المثال، ترشد البروفيسور آل ثاني طلابها إلى كيفية استخدام البلاد للرياضة والمتاحف والفنون – بدءا من كأس العالم لكرة القدم إلى متحف الفن الإسلامي – لبناء روابط عالمية. وتشرح قائلة: “يسلط هذا الفصل الضوء على دبلوماسية قطر الثقافية وامتدادات تأثيرها.
يعتمد أسلوب الأستاذة نوف آل ثاني على التدريس التفاعلي، حيث يمزج بين أمثلة من العالم الحقيقي، والمتحدثين الضيوف، والزيارات الميدانية. وعندما تناقش المشكلات والمعضلات الأخلاقية لمجموعات المقتنيات الفنية في سياق فصل “المشهد العالمي”، يزور الطلاب المتاحف، ويتحدثون إلى أمنائها، ويرون بشكل مباشر كيف تجري هذه المناقشات في الحياة الواقعية. وتشير إلى أن “سرديات العودة إلى الوطن وما بعد الاستعمار هي مواضيع رئيسية”.
كان التدريس في جامعة جورجتاون في قطر مرضيا للغاية بالنسبة للأستاذة نوف آل ثاني، التي تجد أن النمو الفكري والشخصي لطلابها هو الجزء الأكثر إشباعا ومكافأة لها في عملها. وهي تنسب الفضل إلى زملاء مثل البروفيسور كارين فالتر والعميد صفوان المصري لدعم رحلتها التدريسية وتوفير الفرص لتمثيل العمق المحلي في الجامعة.
وعبر التطلع إلى المستقبل، تحرص البروفيسور آل ثاني على توسيع نطاق عملها في الفصول الدراسية وخارجها. وتقول: “أهدف إلى توسيع هذه المساقات الدراسية بمزيد من دراسات الحالة المقارنة والمشاريع متعددة التخصصات، وآمل أيضا أن أقدم المزيد من فرص التعلم العملي لطلابنا من خلال شبكتنا من المتاحف المحلية.”
وبينما تختتم محاضرة أخرى، تنظر البروفيسور آل ثاني في جميع زوايا القاعة، وتراقب طلابها وهم يبدأون في حزم حقائبهم. حيث يسود الطنين الهادئ لإغلاق الدفاتر وخلط الأوراق في الأجواء، ولكن أكثر ما يبقى هو الفهم الأعمق الذي سيتركه الفصل في عقول طلابها: فهم أيضا جزء من قصة قطر – قصة لا تزال تتفاعل أحداثها.