جورجتاون في قطر تحتفل بمرور 20 عاما على إطلاق حوار الأديان في الشرق الأوسط
في غياب الثلوج والحرائق الملتهبة والمهرجانات التجارية والتسويقية، احتفلت جامعة جورجتاون في قطر بالعطلة الشتوية بطريقتها الخاصة: من خلال الاحتفاء بالتنوع المجتمعي وتعدد الأصول والأعراق والعقائد والتقاليد الثقافية التي تجعل من قطر وجهة ثرية لدراسي العلاقات الدولية وشؤونها.
فمن الخيام الرمضانية واحتفالات العيد إلى مهرجان الأنوار الهندي “ديوالي” وغيرها من الاحتفالات، حيث تعد الأعياد وسيلة لمشاركة التقاليد والتعرف عليها وسط أجواء من التسامح، وهو ما جعل طلاب جامعة جورجتاون في قطر وموظفيها – الذين ينحدرون من أكثر من 50 دولة – يشعرون بالترحيب والألفة كجزء من عائلة جورجتاون في الخليج. كان تجمع العطلة في نهاية فصل الخريف إحدى هذه الفرص لتلاقي ومشاركة أفراد المجتمع وتكوين ذكريات عن مواسم اعيادهم وعطلاتهم.
في افتتاح الفعالية قال د. صفوان المصري عميد الجامعة،: “على ضوء القيم اليسوعية لجورجتاون والتزامنا بمبادئ الأديان، نجتمع للاحتفاء بالتفاهم والأمل في عالم يحتاجهما الآن أكثر من أي وقت مضى”. كما تركزت المناقشات والحوار بين الأديان حول “القيم الدينية وبناء المجتمع” وشكلت إيقاع الأمسية، حيث استكشف أعضاء هيئة التدريس والطلاب من مختلف المجتمعات الدينية والطوائف القيم المشتركة المترابطة عبر التقاليد الدينية كمصدر للقوة في الأوقات الصعبة.
في مستهل هذه الفعالية قال مدير الجلسة وخريج جامعة جورجتاون في قطر دفعة 2024 “براغيان أشاريا” : “بصفتنا جامعة يسوعية كاثوليكية في دولة مسلمة، فإننا محظوظون بالوجود عند التقاء تقاليد غنية تتمثل في المثل والقيم اليسوعية للخدمة المجتمعية والتفكير والاهتمام بالصالح العام، وانسجامها مع المبادئ الإسلامية المتجذرة في المجتمع وما تدعو إليه من التسامح والعدالة والرحمة.”، مضيفا: “هذا التقاطع ليس مجرد مصادفة. إنه حوار حي، يثير الهمم ويلهمنا كل يوم”.
ناقشت المتحدثتان الطلابيتان “ناتالي فانيك” (دفعة 2025) ومنة عبد الهادي (دفعة 2028) كيف يساعدهم التبادل الثقافي على الشعور بالترحيب الإيجابي كعضو له قيمته في المجتمع. وقالت منة: “في غياب الحوار، غالبا ما يسترشد الناس بمفاهيم خاطئة، ويميلون إلى التركيز على الاختلافات التي يعتقدون أنها موجودة بينهم، بينما الحوار يسمح لنا بإيجاد القواسم المشتركة ويجمعنا معا”.
وقد أدار الجلسة أستاذان في علوم الأديان ظلا يعملان على تعزيز ثقافة الحوار بين الأديان في جامعة جورجتاون في قطر لأكثر من عقد من الزمان هما الدكتور أيمن شبانة، المتخصص في الأخلاق والشريعة الإسلامية، والدكتور “أكيناده أكينتونده”، الباحث في المسيحية الأفريقية والعلاقات المسيحية الإسلامية. حيث بحثا كيف يساعد تعزيز المشاركة في القيم والتعاليم الأخلاقية للتقاليد الدينية من خلال البحث والمناسبات التعاونية المجتمعية في بناء الجسور سواء داخل الفصل الدراسي أو خارجه. وعن هذا يقول د. ايمن شبانة: “الإيمان هو جزء مهم من هويتنا. و تعلم المزيد عن بعضنا البعض هو خطوة مهمة وضرورية لتحقيق التفاهم المتبادل والاعتراف بالقيم المجتمعية المشتركة وتعزيزها”.
كان إجراء هذه المناقشات خلال موسم الأعياد مؤثرا تجربة داعمة لبناء المجتمع وجدت تعبيرا مبهجا من خلال الأنشطة التي تلت ذلك، كما أوضح الدكتور أكيناده بقوله : “يستحضر الاحتفال لحظات مفعمة بالمودة ويحفر بالوجدان ذكريات سعيدة ويساهم في تعميق السلام الشامل للمجتمع”.
عن هذه التجربة تقول طالبة السنة الثانية “لياليا نور بيسوفا” من كازاخستان: “لقد كانت تجربة دافئة ومريحة – لقد شعرت حقا وكأنها تجمع عائلي كبير!، فكل شيء خلال هذه الامسية جعلني أشعر بالسعادة والاندماج. كان من الرائع رؤية الجميع يجتمعون معا، ويشاركون الضحك والابتسامات، خاصة مع اقتراب الامتحانات النهائية “.
يظل التعليم القائم على القيمة أحد نقاط القوة في برنامج جورجتاون في قطر منذ إنشائها. فقد تضمنت المحادثات المبكرة حول جلب هذه المؤسسة اليسوعية إلى قطر قبل 20 عاما، محادثات حول القيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية المتأصلة في الروح التعليمية لجورجتاون، مثل خدمة الإنسانية، ومناصرة العدالة، والانخراط في الحوار بين الأديان، وتنمية التفاهم بين الثقافات.
واليوم، بعد مرور عقدين من الزمان في المنطقة، قامت جامعة جورجتاون في قطر بتخريج أكثر من 1000 طالب ليعيشوا قيمهم كقادة في خدمة الإنسانية. كما لاحظ براغيان أشاريا مدير الجلسة ببراعة، بناء على تجربته الخاصة، فإن مصدر هذا النجاح هو كيفية تعليم الطلاب أن يعيشوا قيمهم من خلال الانخراط في الاختلاف. وقال: “الحوار في جوهره هو مقدمة للعمل، حيث يوفر الوضوح والهدف المشترك اللازمين لمواجهة التحديات وبناء مجتمعات أقوى”.