دبلوماسي يحكي لطلاب جورجتاون قصة نجاح سنغافورة
رئيس البعثة السنغافورية يؤكد إمكانية نجاح الدول الصغيرة على المسرح العالمي.
تحدث معالي السيد “أوميج سينغ بهاتيا”، رئيس البعثة السنغافورية الأسبوع الماضي إلى طلاب جامعة جورجتاون عن صعود سنغافورة، وتبوئها مكانة أحد أبرز المراكز المالية في آسيا. استمتع طلاب فصل المالية الدولية، الذي يدرسه البروفيسور إبراهيم عويس، بالمحاضرة التي استمرت لمدة ساعة كاملة، وتناولت كيفية تحول سنغافورة إلى مركز مالي رائد من خلال استثماراتها في رأس المال البشري.
شهدت سنغافورة، التي تٌصنف على أنها “معجزة اقتصادية” نموا سريعا على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث تفوق إجمالي الناتج القومي السنغافوري على نظيره في العديد من الدول المتقدمة، مثل المملكة المتحدة وفرنسا. ومع استمرار حركة النمو السريع في آسيا، واصلت سنغافورة رحلة الصعود باعتبارها مركز مالي يخدم منطقة اتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان). في هذا الإطار، أكد بهاتيا أن بلاده نجحت في بناء نفسها كمركز مالي عالمي للتجارة بفضل القيادة السياسية الحكيمة وثقافة الكفاءة، إذ لم يكن أمام سنغافورة خيار للتراجع في ظل كفاحنا من أجل البقاء، وفي خضم بيئة عالمية شديدة التغير، ويضيف بهاتيا: “كان الأمر أشبه بركوب الدراجة، حيث يعني التوقف السقوط.”
تقل مساحة سنغافورة 40 مرة عن مساحة قطر، ويبلغ عدد سكانها أربعة أضعاف عدد سكان قطر، فضلا عن عدم امتلاكها أي موارد طبيعية تستطيع التعويل عليها، باستثناء شعبها، مما دفع قيادتها إلى الاعتماد على رأس المال البشري واعتباره السبيل الوحيد نحو المستقبل. في هذا السياق، يشير بهاتيا: “يمثل تنمية المواهب المهمة الأصعب على الإطلاق”، رغم ذلك اندفعت الحكومة على طريق الاستثمار في مواطنيها باعتبارهم المحرك الأساسي للنمو، وذلك من خلال دعم التعليم والتدريب المهني. وبالفعل، نجحت هذه البرامج في رفع مستوى التعليم. شرعت الدولة بعد ذلك في جذب الجامعات العالمية الكبرى، مثل جامعة بنسلفانيا وكورنيل وإنسياد، لفتح فروع لها على أرض سنغافورة.
في معرض الرد على سؤال أحد الطلاب، أشار بهاتيا إلى وجود العديد من أوجه الشبه بين كل من سنغافورة وقطر، حيث يتوافر لدى الدولتين قيادة حكيمة تمتلك رؤية مستقبلية وإيمانا بالاستثمار في مجال التعليم، وهو ما يمثل حجر الزاوية في التنمية والتطور.
إضافة إلى عمله كرئيس للبعثة السنغافورية، ينتمي بهاتيا إلى الأوساط الأكاديمية، حيث تخرج في جامعتي ستانفورد وهارفارد، كما ألف العديد من الكتب، التي حمل أحدثها عنوان “نسيان أسامة بن منقذ وتذكر أسامة بن لادن: الحروب الصليبية في الذاكرة الإسلامية الحديثة”، وصدر في سنغافورة هذا العام.
استقبل الطلاب المحاضرة بحفاوة بالغة، وأكد عويس: “برهنت محاضرة السيد “بهاتيا” أن الدول التي لا تمتلك مصادر طبيعية تستطيع – رغم ذلك – رفع مستوى معيشة مواطنيها.”