طلاب جامعة جورجتاون يتعمقون في دراسة الصراع السوري في البرنامج السنوي لمحاكاة الأزمات
على الرغم من الجهود المتواصلة لمبادرات سلام متعاقبة في جنيف، يدخل الصراع السوري عامه السابع، دون وجود أي بوادر على تسوية سياسية بين الأطراف المتحاربة. وقد قام طلاب من جامعة جورجتاون في قطر بتقمص أدوار الأطراف الرئيسية وأصحاب المصالح في الصراع الدائر في سورية، حيث شارك الطلاب في مؤتمر افتراضي يهدف لتحقيق السلام في سورية من خلال التدريب السنوي للجامعة لمحاكاة الأزمات، ومن خلاله حصلوا على ساعات أكاديمية معتمدة وتعرفوا عن كثب على أسباب إخفاق مساعي تحقيق السلام والاستقرار في سورية منذ فترة طويلة.
وقد اوضحت الدكتورة كريستين شيويتز، مساعدة العميد للشؤون الأكاديمية أهمية هذا النشاط قائلة: “يعد هذا نشاطًا لا نظير له بالنسبة لتعلم الطلاب بشكل تجريبي وعملي، مما يمنحهم فهمًا لما يتطلبه الأمر لجلب أشخاص يحملون وجهات نظر متناقضة إلى الطاولة التفاوض من أجل حل النزاع. هذه مهارات حياتية حرجة يكتسبها الطلاب بغض النظر عن المسار المهني الذي يسعون إليه”. وتقوم الدكتورة شيويتز بتنظيم هذه المحاكاة بالاشتراك مع جيمس سيفيرز، مدير الأبحاث بمعهد الدراسات للدبلوماسية بجامعة جورجتاون في واشنطن العاصمة.
وعلى مدار أسبوع كامل، حضر 28 طالبًا من جامعة جورجتاون في قطر سلسلة من ورشات العمل التحضيرية، بما في ذلك وحدات دراسية نموذجية عن مقدمة نظرية الدبلوماسية والتفاوض، قبيل الدخول في أجواء المحاكاة التفاوضية، التي بلغت ذروتها في يوم حافل بالاجتماعات الثنائية والمتعددة الأطراف. وقد عمل الطلاب جميعا في عدة فرق، سعوا من خلالها إلى حل القضايا الرئيسية مثل مصير النظام الحالي والمعارضة، ومستقبل الأكراد، ووجود القوات العسكرية الأجنبية على الأراضي السورية.
عن هذه المحاكاة العملية يقول جيمس سيفيرز، مدير الدراسات بمعهد الدراسات للدبلوماسية بجامعة جورجتاون في واشنطن العاصمة: ” على مر السنين أجرينا سلسلة من عمليات المحاكاة مع الطلاب هنا في الدوحة، وأظن أن هذه كانت من أفضلها من حيث مستوى إعداد الطلاب وعمق مشاركتهم في تناول القضايا، فمن المؤكد أن تعدد الجنسيات وتنوع الخلفيات للأسرة الطلابية في جامعة جورجتاون في قطر يجلب وجهات نظر متباينة إلى المفاوضات.”
كما شارك رولاند ماكاي، وهو زميل مؤسسة “روسك” ودبلوماسي سابق بوزارة الخارجية الأمريكية، كضيف محاضر، للاستفادة من خبراته الدبلوماسية ضمن النقاش والمفاوضات الاستراتيجية، مشيرا إلى عدم قبول الافتراض الشائع بأن أقوى اللاعبين في الصراع هو من له اليد العليا، قائلا: “قد لا يمكن فهم بعض جوانب التفاوض إلا من خلال ممارستها عمليا بالفعل، وفي برنامج محاكاة الأزمات التابع لجورجتاون في قطر، يتعلم الطلاب كيف يمكن للضعف أن يمثل قوة واقعية.
عملت فرق الطلاب بجد، ولكن لم يتم تحقيق تسوية سلمية. بالنسبة لماكاي، فإن هذا ليس بأهم الأمور حيث يقول: “الأمر لا يقتصر على استفادة واحدة فقط من هذا الدرس، بالنسبة لهؤلاء الطلاب، فإن اهم درس يتعلمونه هو كيفية اتخاذ قراراتهم بأنفسهم على أساس الأهمية التي يولونها لعوامل مثل العواطف و الأهداف والقوة والنفوذ.
عملت فرق الطلاب بجد، ولكن لم يتم تحقيق تسوية سلمية. بالنسبة لماكاي، فإن هذا ليس بأهم الأمور حيث يقول: “الأمر لا يقتصر على استفادة واحدة فقط من هذا الدرس، بالنسبة لهؤلاء الطلاب، فإن اهم درس يتعلمونه هو كيفية اتخاذ قراراتهم بأنفسهم على أساس الأهمية التي يولونها لعوامل مثل العواطف والأهداف والقوة والنفوذ.
ومن بين الدروس الأخرى المستفادة، في رأيه، هو القدرة على العمل بفعالية في إطار زمني محدد حيث يقول: “يمكن دائماً حل الأمور إذا لم تكن هناك قيود، ولكن هنا في المفاوضات لدينا يوم واحد. في مفاوضات حقيقية في الواقع الحقيقي، سواء كانت صفقة تجارية أو قمة، هناك ضغط زمني. لذا، فإن هذه المهارة، أو الحاجة إلى الإسراع بإعداد الصياغة، أو اتخاذ قرار سريع – أمور بالغة الأهمية للعمل في أي مؤسسة. “
عمل ماكاي في السابق كضابط سياسي سابق ضمن فريق العمل للمساعدة الانتقالية في سورية وكمساعد خاص لوزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، وأضاف قوله: ” كانت هذه هي المرة الأولى لي في حرم جامعة جورجتاون في الدوحة، وقد تأثرت كثيراً بمستوى الطلاب، ومدى سرعة استيعابهم لعوامل وديناميكيات السلطة الرئيسية في ساحة الصراع السوري”.
بالنسبة للطالبة آمنة فلاح، وهي طالبة بالسنة الثالثة تتخصص في الاقتصاد الدولي، مثلت دور مسؤولين من الولايات المتحدة، فإن ممارسة الدبلوماسية قد لمس مشاعرها حيث تقول:
“أعتقد أن الموضوع كان مذهلاً. لدينا العديد من الطلاب السوريين، والسبب مهم جداً للكثيرين منا حتى من غير السوريين لأنه قريب منا جغرافياً، والكثيرون منا يشاطرون الرغبة في التوصل إلى حل في أقرب وقت ممكن من أجل إنهاء معاناة الشعب السوري واللاجئين الأكثر تضررا من هذه الحرب المروعة”.
بالنسبة للطالبة آمنة، فإن مشاركة أحد الدبلوماسيين من ذوي الخبرة في الخدمة الفعلية أضافت قدرا من الواقعية إلى المفاوضات حيث قالت: “إن وجود دبلوماسي محترف هذا العام قد أحدث فارقاً وجعله أكثر إقناعا.”
في نهاية البرنامج، اجتمع الطلاب المشاركون والمنظمون في جلسة مشتركة لطرح التساؤلات والرد عليها ومناقشة نتائج المفاوضات والمشاركة في الدروس المستفادة طوال تلك العملية.