طلبة جامعة جورجتاون المتفوقون يتحضرون للنقلة القادمة
تم حجز الغرف الفندقية من قبل الزوار من الأصدقاء والأقارب، وأنجزت ترتيبات العشاء الاحتفالي في أرقى مطاعم المدينة، وبدأت درجات الحرارة بالارتفاع. كل ما سبق يعني شيئاً واحداً فقط: إنه موسم التخرج في الدوحة، حيث سيبدأ المئات من أفضل وألمع الطلاب في قطر تدريبات السير في حفل التخرج لاستلام شهاداتهم، وتذاكر سفرهم إلى مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً.
سوف يتلقى 19 رجلاً و38 امرأة من طلبة جامعة جورجتاون في قطر يوم الخميس الموافق 7 من مايو شهادات تخرجهم، ومن بين الخريجين 22 طالباً قطرياً. طلال النعمة، طالب يتخصص في السياسة الدولية، وهو أحد هؤلاء الطلاب القطريين، بدأ رحلته إلى جامعة جورجتاون منذ أن كان طفلاً صغيراً في الدوحة. يقول طلال: “كنت أجبر على الاستماع إلى قناة الجزيرة عبر المذياع في كل مرة كان والدي يحضر ليقلني من المدرسة، ما جعلني أكره الأخبار. إلا أنني بدأت بالنضج ببطء وبدأت بإدراك ما يحدث في الشرق الأوسط، وبالظلم الذي يعتري العالم.”
دفع هذا الإدراك طلال للاهتمام بدراسة العلوم السياسية. لذلك، وبعد أن أنهى فترة تدريب صيفي ما قبل الجامعة، ضمن إطار برنامج تحضيري شامل يستهدف الطلاب المحليين في مدارس قطر الثانوية. اتخذ طلال قراره بالتسجيل. يتحدث طلال عما اكتشفه قائلاً: “ظننت أننا سوف ندرس العلوم السياسية فقط، إلا أن الأمر لم يكن مقتصراً على السياسة”. ويضيف: “عليك أن تفهم التاريخ واللاهوت والاقتصاد – لم أكن أدرك أهمية هذه المواد الأخرى لفهم السياسة”. سافر طلال إلى جامعة جورجتاون في واشنطن وأمضى فيها شهراً دراسياً، ولعب في تشكيلة فريق كرة السلة التابع لجامعة جورجتاون – قطر، وشارك في الجمعية الحكومية الطلابية، وكان عضواً في نادي حقوق الإنسان في الجامعة. يأمل طلال أن يعمل بعد التخرج في القطاع الحكومي في الدوحة. ويقول طلال ناصحاً الطلاب الجدد: “أبق ذهنك متيقظاً ومارس بعض الضغط على نفسك. إنك تحظى بتعليم نوعي، ولن تدرك قيمته إلى أن تتخرج.”
أما بالنسبة للخريجة القطرية مرام الدفع، فقد اختارت العلوم السياسية الدولية لتتخصص بها، أمضت مرام كل حياتها في الخارج نظراً لانخراط والدها في العمل الدبلوماسي، فقد شغل منصب سفير قطر في عدد من الدول. كانت العلوم السياسية بالنسبة لمرام بمثابة شأن عائلي. إلا أنها نسيت المسار الفريد الذي اختطته لنفسها في جامعة جورجتاون. تقول مرام في هذا الصدد: “لم أكن أتخيل نفسي يوماً في مجال آخر غير العلوم السياسية. لذلك تقدمت بطلبات الدراسة إلى عدد من الجامعات العالمية المرموقة. وعندما فاضلت بين الخيارات المتاحة أمامي، قررت البقاء هنا في الدوحة. فقد كانت أختي قد التحقت بالحرم الرئيسي لجامعة جورجتاون، فأدركت أنني سوف أحظى بتعليم رائع هنا، مع ميزة إضافية تمثلت بالبقاء قرب بيتي، والدراسة في فصول أصغر مع اهتمام أكبر من الأساتذة.”
بدأ شغف مرام بنموذج الأمم المتحدة، وهو برنامج يعيد فيه الطلاب تمثيل طريقة عمل الأمم المتحدة، منذ أن كانت في المرحلة الإعدادية، وواصلت ذلك خلال دراستها الجامعية، حين شغلت منصب الأمين العام لمجلس نموذج الأمم المتحدة. كما تطوعت للعمل في حملة توعية وجمع تبرعات لصالح مرضى سرطان الثدي ينظمها سنوياً طلاب الجمعية النسائية في الجامعة ونادي التنمية، وقد تمكنوا خلال هذه الحملة من جمع أكثر من 172,000 ريـال قطري. أما نصيحتها للطلاب الجدد فتتلخص بالآتي: “خذ خطوة خارج منطقة الراحة الخاصة بك.”
وهذا ما فعلته الطالبة الفلسطينية ديما وهبة حين خطت خارج منطقة الراحة الخاصة بها، وغادرت عائلتها وأصدقاءها في بيت لحم لتحقق حلمها الجامعي: الانتساب لمؤسسة أمريكية مرموقة لا تبعد كثيراً عن موطنها. تقول خريجة العلوم الثقافية والسياسية: “كانت جامعة جورجتاون قطر مختلفة جداً حيث التقيت بأكثر من 50 جنسية مختلفة في حرمها الجامعي، وهو أمر لا أصادفه في بلادي. كل هذه الجنسيات متآلفة في مكان واحد، على عكس ما هو حاصل في بلدي، ولقد فاجأني ذلك حقاً”.
درست ديما الشؤون الدولية، مع التركيز على العلوم الثقافية والسياسية، ولديها مخططات للعمل في رام الله في مجال العمل الإنساني من خلال منظمات غير حكومية. وتقول: “أود أن تحدد الخبرة العملية نقاط القوة والضعف لدي قبل أن أتابع دراسة الماجستير، كما أرغب بمساعدة الناس في الوقت الذي أتابع فيه دراستي”. وكانت ديمة قد ساعدت بالفعل الكثير من الناس في الوقت الذي تابعت فيه دراستها، فقد تطوعت للعمل مع طلاب من أجل العدالة في فلسطين، وتلقت تدريباً مع علم من أجل قطر، وشاركت في رحلتين لخدمة المجتمع كانت جامعة جورجتاون قد نظمتهما إلى ألمانيا وبولندا وإيرلندا الشمالية على التوالي لدراسة حل النزاعات. إلا أن أعلى علاماتها كانت في الرياضة، فقد كانت قائدة فريق كرة السلة للسيدات في عامها الثاني، والثالث وفي سنة التخرج. وقد قدرت مهاراتها القيادية من خلال منحها جائزة “أفضل لاعب” من جامعة جورجتاون قطر لثلاث سنوات على التوالي، وجائزة رياضي العام لعامين على التوالي، وجائزة “أفضل لاعب” في الفريق من جامعة حمد بن خليفة في عامها الثالث. وتقول ديما إن الرياضة تعلم الطلاب الكثير عن الحياة. “تربح أشياء وتخسر أشياء، يتعلق الأمر بتطبيق الاستراتيجيات. ولا بأس من السقوط أحياناً. سوف يعلمك ذلك أن تقدر معنى النجاح.”
نشأ أتول منون في قطر، إلا أنه أضاع فرصة الالتحاق بجامعة المدينة التعليمية عندما كان يفكر في الذهاب إلى الهند للحصول على شهادة التجارة. يقول أتول: “إلا أن أبي قرأ في الصحيفة أن جامعة جورجتاون قطر تقدم اختصاصاً جديداً، فشجعني على المحاولة”. وهذا ما فعله وتم قبوله ليتخصص في ما يحب: الاقتصاد الدولي. وحال التحاقه بالجامعة تعرف إلى موضوعات في العدالة الاجتماعية. “قدمت لي جامعة جورجتاون قطر فرصاً هائلة، ودعمتني للعمل على قضايا كنت دائماً شديد الشغف بها”.
تدرب أتول في مؤسسة صلتك، وشارك في العديد من الرحلات التعليمية حول العالم لدراسة التنمية الاقتصادية والتحولات السياسية والهجرة ومنح شرف الدخول إلى جمعية ألفا سيغما نو، تقديراً لتميزه وخدماته الأكاديمية. ويقول إن إحدى الملامح الأساسية في حياته الجامعية هي مشاركته في برنامج للخبرات البحثية، وهو مشروع طلابي في جامعة جورجتاون قطر تحت مسمى: “التعليم المالي للأسر المهاجرة” وكان هذا المشروع قد أنتج العديد من الفيديوهات التعليمية الموجهة للعمال المهاجرين لمنحهم نصائح عملية لزيادة الإفادة من خبرتهم العملية. فاز المشروع بجائزة عروض ملصقات الطلاب، وقد أعلن عن الجائزة خلال المؤتمر البحوث السنوي في مؤسسة قطر. كما تم ترشيح أتول كواحد من أفضل ثلاثة طلاب فقط في جميع أنحاء العالم للحصول على جائزة بالمر المرموقة في سبتمبر 2013، التي تمنح بالتعاون مع معهد LeaderShape الأمريكي. تتركز خطط أتول لما بعد التخرج بمتابعة دراسة الماجستير في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في العاصمة واشنطن.
يبدأ العديد من الطلاب دراساتهم الجامعية وفي أذهانهم مسارات وظيفية محددة، إلا أنها تتغير بشكل كامل عند إدخال أفكار جديدة وهذا ما حدث لهارون ياسين. فبعد أن أنهى دراسته الثانوية، التحق بكلية الهندسة في دبي، إلا أنه قرر ترك الهندسة والمغادرة. يقول هارون: “قررت الحصول على شهادة في القانون وأتيت إلى جامعة جورجتاون لما تتمتع به من سمعة حسنة. تخصصت في العلوم السياسية الدولية باعتبارها درجة ماقبل القانون. إلا أن شغفي الآن هو التعليم”. بمجرد أن تعرف هارون إلى ما يميل إلى دراسته، بدأ بتحقيق إنجازات ملحوظة.
عمل هارون مع اثنين من زملائه في جامعة جورجتاون قطر بابتكار مشروع لإنشاء مدرسة في قرية فقيرة في إسلام آباد، في باكستان، حيث تم تطوير المنهاج والمقررات الدراسية الأخرى بالتعاون مع المجتمع القروي. إستوحي مشروع أورندا، كما أسماه هارون وزملاؤه، من مشروع سابق كان هارون قد أنشأه تحت اسم أخوات العوام، وهي مدرسة تقدم التعليم المجاني للأطفال الفقراء في باكستان. يقول هارون: “كان للأساتذة وفريق العمل في جامعة جورجتاون تأثير كبير على طريقة تفكيري في المشروع الثاني، بدلاً من “المدرسة الواحدة”، بدأت بالتفكير أن هناك الكثير من الأشخاص المحتاجين، ووسعت مجال المشروع، وتلقيت الدعم والتمويل من جهات مانحة. أعرف الآن الكثير عن القضايا المرتبطة بمشروعي”. أما النصيحة التي يسديها هارون للطلبة الجدد فهي ألا يستهينوا بالنجاح. “إياكم أن تفقدوا رغبتكم في بذل المزيد من الجهد”. إكتشف هارون شغفه بالتعليم في الجامعة وسيلتزم بتنفيذ مشروع أورندا بعد التخرج.
تقدم جامعة جورجتاون قطر حالياً منهاج الفنون الحرة لمدة أربع سنوات مع تخصص في السياسة الدولية، والاقتصاد الدولي، والثقافة والسياسة، بالإضافة إلى الفرع الذي أطلق مؤخراً هو التاريخ الدولي. وقد شهدت جامعة جورجتاون قطر زيادات سنوية مطردة في أعداد الملتحقين بها. وفي نهاية العام الدراسي 2015، سيكون 274 طالباً قد تخرج من جامعة جورجتاون قطر. مع رغبة في بذل المزيد من الجهد، ولا شك أن قائمة إنجازاتهم المستقبلية سوف تكون أطول.