كتاب جديد يدقق في التناقضات بين تغطية الإعلام الغربي والإعلام العربي
كيف يمكن لشبكتي أخبار تغطيان نفس الحدث بث تقارير مختلفة تماما عن بعضها البعض؟ هذا ما عكف الدكتور طارق الشرقاوي المدير المشارك للاتصالات الاستراتيجية بجامعة جورتاون في قطر على تمحيصه في كتابه الجديد، الذي يهدف إلى دراسة الأسباب التي أثرت على الخطاب الإعلامي إبان غزو العراق عام 2003 .
يدقق الكتاب الذي يحمل عنوان “حرب وسائل الإعلام: الصدام بين شبكات الإعلام الغربي والإعلام العربي في الشرق الأوسط” وينظر بعمق في تعقيدات التغطيات الإخبارية للحرب من منظورين متباعدين، أحدهما يتبنى المنظور الاستشراقي والآخر يمثل وجهة نظر القومية العربية. واحتفاءً بصدور هذا الكتاب، تستضيف جامعة جورجتاون في قطر حفلاً بمقر الجامعة بالمدينة التعليمية في السادسة من مساء الأربعاء العاشر من مايو، يتم خلاله توقيع الكتاب بمحل بيع الكتب يحضره المؤلف.
عن دوافعه لتأليف هذا الكتاب يقول د. طارق الشرقاوي: “حافزي الرئيسي للكتابة حول هذه القضية هو تضييق الفجوة المتباعدة في المفاهيم والتواصل بين الغرب والعالم العربي، وقد جاءت التغطية الإعلامية المتناقضة لحرب العراق لتقدم حالة جديرة بالدراسة توضح كيفية نشوء هذه الفجوة عبر التحكم في المعلومات وتسليط الضوء على بعض النقاط دون البعض الآخر.”
يشرح الكتاب بأسلوب نقدي محايد كيف قصّرت وسائل الإعلام الأمريكية في القيام بدورها كسلطة رابعة، وإلى أي مدى أخفقت في تحري الادعاءات الحكومية لتبرير الحرب على العراق. كما يبين كيف ضمنت الدولة تغطية إعلامية موالية لها عبر اتخاذ خطوات كالحد من توفر المعلومات، وتضخيم التصور بأن العرب يمثلون “تهديداً” للغرب. هذه الاستراتيجيات عندما تتلقاها جماهير تميل إلى التحيز الإعلامي، وتذيعها شبكات إعلامية تهدف إلى تحقيق الربح المادي الصرف بينما تتغاضى عن الممارسات الصحافة المهنية، فإن هذا يؤدي إلى اختلاف التغطية الإخبارية من الإعلام الغربي تماماً عن نظيراتها في العالم العربي.
في المنطقة العربية، أبرزت التغطيات الإخبارية الحرب على أنها غزو غير مبرر، معارضة لوجهات النظر الأمريكية الرسمية. فقد قدمت شبكات الأخبار العربية وجهتي النظر المتضادتين لطرفي الصراع، إذ أتيحت للصحفيين على الأرض إمكانية متابعة التطورات بشكل مباشر، الأمر الذي لم يتح لنظرائهم الغربيين. وبينما يعترف الكتاب بوجود بعض التقصير في تغطية الشبكات العربية للأحداث، فإنه يكشف صعوبة التغطية الإعلامية في ظل استراتيجيات عسكرية تهدف للسيطرة التامة على المعلومات.
عن تأثير ما تبثه الشبكات الإخبارية على عقل المشاهد وتصوره للحرب يقول د. الشرقاوي: “إن تغطية أحداث الحروب ليست مجرد تعبير عن وجهات نظر متضاربة، إذ تتخللها آثار دموية ومشاعر جياشة، كما أن نجاح الصورة المنقحة والانطباع عن الحرب كما يراه المشاهدون على الشاشات، كمادة للإثارة والترفيه عند البعض، يعني أيضاً أن المشاهد قد أصبح مشاركاً مباشراً فيها، نظراً لكون نتائج الحرب أصبح يقررها جزئياً المشاهدون في بيوتهم أمام الشاشات.”
د. الشرقاوي هو خبير اتصالات استراتيجية، يحمل درجة الدكتوراه في دراسات الإعلام والاتصالات من جامعة أوكلاند للتقنية. وتتضمن اهتماماته البحثية الإعلام العربي العابر للحدود، والدبلوماسية العامة، والدعاية السياسية، والقوة الناعمة، والعلاقات بين الدفاع والإعلام، والشؤون السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط.