لماذا يتقاتل الرفاق؟ كتاب جديد لأستاذ من جامعة جورجتاون في قطر حول حرب الكونغو الثانية
لماذا يتعادى الحلفاء إثر رفقة سلاح ونجاح في الإطاحة بدكتاتور عسكري بعد أن عملوا على تحقيق الأمن والسلام لبلادهم، ولكنهم بدلاً من ذلك وجهوا سلاحهم إلى رفاقهم القدامى؟ هذا هو محور كتاب جديد يتناول بالتحليل العميق أحد أعنف الصراعات في العالم منذ الحرب العالمية الثانية من خلال مقابلات مع مئات من الذين شاركوا في حرب الكونغو الثانية وتأثروا بالنزاع بشكل مباشر.
الكتاب الجديد بعنوان “لماذا يتحارب الرفاق: سياسات التحرر واندلاع أكبر صراع دموي في إفريقيا” لمؤلفيه الدكتور هاري فيرهوفن، الأستاذ بجامعة جورجتاون في قطر، و الدكتور فليب رويسلر، الأستاذ المساعد بكلية وليام أند ماري، يقدم رؤية جديدة من أعماق حرب الكونغو الثانية. وبمناسبة صدور الكتاب استضافت جامعة جورجتاون في قطر حفلاً لتوقيع للكتاب، وذلك في الساعة السادسة من مساء الإثنين 25 سبتمبر بمقر الجامعة بالمدينة التعليمية.
جاءت فكرة الكتاب بعد أن أدرك الباحثان فيرهوفن و روسلر أن العديد من التقارير المتداولة عن الحرب تتناول أحداث النزاع، ولا تتناول الأسباب التي أدت إلى اندلاعه. وعليه بدأ الباحثان في التعاون بهذا المشروع في عام 2009.
عن هذا يقول الدكتور فيرهوفن: ” كنت أتابع الشقاق الذي وقع بين أناس اتحدوا سوياً وتعاونوا للوصول إلى السلطة معاً. لم يكن النزاع مأساوياً فقط لأن هؤلاء الناس يعرفون بعضهم البعض عن قرب، ولكن أيضاً لأن النزاع بينهم وصل إلى درجة من العداء أصبحت تمثل أكثر الحروب وحشية في إفريقيا (من حيث عدد القتلى والضحايا). وقد ازدادت دهشتي عندما طالعت ما نشر عن تلك الصراعات، فلم يتطرق أحد إلى أسباب نشوبها.”
لجمع ما يحتاجون من أدلة، سافر د. روسلر و د. فيرهوفن إلى اثنتي عشرة دولة للحديث مع رؤساء سابقين، والصفوة الثرية من رجال المال والأعمال، والقادة العسكريين، وأيضاً من تضرروا بسبب الحرب بشكل مباشر. وعلى الرغم مما مثلته تلك اللقاءات الميدانية من مخاطر على حياة المؤلفين فقد واصلا عملهما بسبب أهمية نشر هذه القصص.
ويقول د. فيرهوفن: ” أظن أنها كانت فرصة رائعة أن أتمكن من القيام بهذا الأمر، ولكنها كانت أيضاً مسؤولية جسيمة بمجرد أن بدأ الناس بالوثوق بي. فأصبحت مديناً لهم. فإذا لم نقم بتسجيل شهادات تاريخية معينة، فقد يفلت بعض الناس من العقاب، وقد تظل بعض الروايات طي الكتمان، وتظل سياقات معينة غير معروفة.”
يأمل د. فيرهوفن أن يساعد الكتاب القراء على فهم أسباب العنف ودوافعه، في هذا الصراع الدائر بالتحديد وفي عدد آخر من النزاعات الدائرة حول العالم. وأضاف قائلاً: ” أؤمن بشدة بأن أسلوب تفكيرنا بشأن العالم يساهم في تغيير العالم. بالطبع لايمكنك إنهاء العنف المشتعل، أو إنهاء الحرب – ولكن الباحثين الجيدين بإمكانهم المساعدة على تفسير تلك الأمور، وتوفير سياق لها، لتساعد على تفهم الموقف برمته، وآمل أن يساهم هذا الكتاب ولو بقدر ضئيل ولكنه مهم في الصورة الفكرية عن أماكن معينة وأحداث تاريخية محددة من العالم.”
يعتبر كتاب “لماذا يتقاتل الأصدقاء” الكتاب الثاني للدكتور فيرهوفن، عقب صدور كتابه الأول: “المياه والحضارة والسلطة في السودان: الاقتصاد السياسي لبناء الدولة الإسلامية العسكرية.” يذكر أن لدى د. فيرهوفن، الذي يحمل درجة الدكتوراه من جامعة أوكسفورد، اهتمامات بحثية كثيرة من بينها السياسات الافريقية والدول الفاشلة.