مصمم شخصيات رسوم متحركة يتحدث إلى طلاب كلية الشؤون الدولية في قطر
استضاف مركز التطوير المهني، يوم الخميس 6 مارس، عرضا تقديميا برعاية قسم شؤون الطلاب بجامعة جورحتاون لمحمد سعيد حارب، مخرج مسلسل “فريج” – أول مسلسل رسوم متحركة ثلاثي الأبعاد في الشرق الأوسط. تأتي هذه المحاضرة إعلانا لتدشين سلسلة من المحاضرات بعنوان “اتبع أحلامك المهنية”، التي تهدف إلى دعم الاختيارات المهنية للطلاب.
في محاضرة غير رسمية عن الرسوم المتحركة، تحدث حارب مع طلاب جامعة جورجتاون وغيرهم من طلاب المدينة التعليمية عن تجربته في إخراج مسلسل “فريج”، والتحديات التي واجهته إبان قيامه بهذا العمل. سعى حارب – كشاب ناجح في منتصف العشرينات من عمره – إلى تقديم نموذج ملهم للطلاب في المثابرة من أجل إدراك طموحاتهم وتحقيق أحلامهم المهنية، كما منحهم الفرصة لمشاهدة أحد المقاطع من الموسم الثالث لمسلسل “فريج”.
بدأت قصة حارب عندما كان طالبا بالسنة النهائية بقسم الفنون العامة، جامعة نورث إيسترن، بوسطن، حيث زاد اهتمامه بالرسوم المتحركة عندما مر أمام فصل من فصولها. بادر حارب بعد ذلك مباشرة بالتسجيل في الفصل. في إحدى المحاضرات، طلب الأستاذ من طلابه التعريف بشخصيات الرسوم المتحركة التي يفضلونها في ثقافاتهم المحلية. أدرك حارب حينها عدم ارتباطه بأي شخصية من هذه الشخصيات، لأن عقله لم يتفتح – شأنه في ذلك شأن غيره من الشباب العربي – سوى على النسخ العربية من الشخصيات الكارتونية اليابانية والغربية، مثل “سوبرمان”، لكنه لا يستطيع التفكير في شخصية رسوم متحركة عربية واحدة تم ابتكارها في أحد بلدان العالم العربي. لقد تعرف حارب كطفل على الثقافة اليابانية، وعرف كيف تبدو مدينة نيويورك، لكنه لم يتعلم شيئا عن ثقافته من الرسوم المتحركة.
طلب الأستاذ من سعيد حينذاك تصميم شخصية رسوم متحركة خارقة من واقع ثقافته المحلية. رغم ثراء الثقافة العربية بأبطالها المميزين، كان على حارب أن يفكر جيدا ويختار من بين هؤلاء الأبطال من يمكن أن يلهمه بشأن شخصيته الكارتونية، وراح يفكر في نساء الأجيال السابقة اللاتي أخذن على عاتقهن تربية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية، بينما كان يقضي الرجال الشهور الطوال خارج المنازل، بحثا عن اللآلئ في أعماق الخليج. أدرك حارب عندها أن “الجيل الحالي لا يعي الدور الذي قامت به الجدات، ولا يوفيهن حقهن من التقدير.” لذا، ابتكر حارب بطلته الكارتونية، “أم سعيد”، التي تمثل الجدة الإماراتية، إضافة إلى جدات أخريات، مثل أم سلوم وأم علاوي وأم خميس، ومنح كل واحدة منهن شخصيتها الخاصة، ليعكس الاختلافات بين النساء في منطقة الخليج.
لدى عودته إلى الإمارات، عمل حارب في قسم التسويق بمدينة دبي للإعلام، التي حصل منها على راتب جيد. إلا أن حلم ابتكار وتصميم شخصيات رسوم متحركة يعكس الثقافة الإماراتية ظل يراوده. في هذه الأثناء، كانت الجدات الأربع لا يزلن أحياءا في دفتر الرسم الخاص به. ذات يوم، لاحظ المدير هذه الرسومات، وشجع حارب على تحقيق حلمه. قرر حارب حينها إخراج المسلسل الكارتوني “فريج”، (الذي يعني “الحي” في اللغة العربية). تمثلت رؤية حارب في هذا المسلسل في إحياء الحكمة الإماراتية التقليدية من خلال حياة الجدات الأربع.
مثلت الرحلة لتحويل الجدات الأربع من مجرد رسومات على أوراق دفتر الرسم إلى شخصيات رسوم متحركة تليفزيونية تحديا كبيرا ومجزيا في الوقت ذاته. راح حارب يطرق أبواب الشركات المحلية لرعاية المسلسل، لكنه لم يجد الدعم الذي يحتاج إليه، كما خذلته الشركات الخاصة والمسؤولون التنفيذيون بالتليفزيون، حيث فشلوا جميعا في إدراك القيمة الثقافية والتربوية الكامنة خلف العنصر الترفيهي في هذا العمل، واكتفت المحطات التليفزيونية بأعمال الرسوم المتحركة المستوردة والمدبلجة إلى اللغة العربية.
تقدم حارب بعد ذلك إلى مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، ولضمان الحصول على المنحة، أجرى عددا من الأبحاث بالتعاون مع بعض الجامعات لدراسة فكرة الرسوم المتحركة ولإثبات أهمية عمله. حصل حارب أخيرا على قرض بقيمة 2,4 مليون درهم ليبدأ الرحلة.
انهالت الصفقات والتعاقدات على حارب بعد العرض الأول للمسلسل في رمضان 2006، ليسجل بذلك نجاحا كبيرا للإمارت ولمنطقة الخليج باسرها. يعمل حارب حاليا في الموسم الثالث من مسلسل “فريج”، كما دشن الامتيازات الخاصة بالمسلسل، مثل لعب الأطفال والأدوات المدرسية والعصائر وأقراص الفيديو الرقمية.
يحرص مركز التنمية المهنية على دعوة محاضرين من شاكلة محمد حارب للتعريف بمسيرتهم المهنية وتقديم النصائح للطلاب لتحقيق النجاح في سوق العمل الحالية. إزاء ذلك، تؤكد بسمة علي، مديرالتطوير المهني بجامعة جورجتاون – كلية الشؤون الدولية في قطر أن “الهدف من هذه السلسلة من المحاضرات يكمن في رفع وعي الطلاب باتجاهات وقضايا التوظيف، حيث نأمل أن تسهم هذه المحاضرات في مساعدتهم على اتخاذ القرارت السليمة الخاصة بحياتهم المهنية.”